رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

حالة من الحزن الشديد ما زالت مسيطرة منذ بدء الضربات الموجعة لسوريا، التى تبعها هذا التأييد شبه التام من العرب.. هؤلاء العرب المهللون هم الركيزة الأساسية فى استمرار إسرائيل قابعة فى قلب الوطن العربى، هم من جعل أكثر من ثلاثة عشر مليون ونصف مليون طفل عربى لم يلتحقوا بالمدرسة هذا العام، هم ما يدفعون تريليون دولار كلفة الفساد فقط فى المنطقة العربية، التى جعلت ثلاثين مليون عربى يعيشون تحت خط الفقر، و75% من لاجئى العالم هم عرب، و68% من وفيات الحروب عالميًا عرب.

هؤلاء المهللون لا يفكرون فى تقدم العرب، ولم يشعروا بالعار لكون عشرين ألف كتاب فقط يُنتجها العالم العربى سنويًا، أى أقل من دولة مثل «رومانيا»، هؤلاء العرب المتناحرون يشاهدون دمار سوريا وموت شبابها، بينما فى إسرائيل يذهب كل الشباب أو خريجى المدارس الإسرائيلية إلى الجيش ويمضون فيه ثلاث سنوات والبنات سنتين، ليصبح الجيش بمثابة المدرسة المهنية وفيه الإمكانيات، إلى جانب أن هناك نُخَبًا تذهب إلى تدريب خاص، مثل نخبة وحدة 3200 التى هى وحدة استخبارات الإشارة أو ما يسمونها Signal Intelligence Unit.

هذه الوحدة، معظم الشركات الناشئة فى «إسرائيل» يكونون من خريجيها، بمعنى أنه هناك تطور كبير فى تكنولوجيا المعلومات والناتج كله هو ناتج الجيش، هناك ثقافة أيضًا فى «إسرائيل» بعدم الرضا بالموجود، دائمًا يبحثون ويطورون بما هو جديد، وهذا ليس فقط فى المجال العسكرى بالمناسبة، بل فى المجال الطبى وفى كل المجالات، وبينما مول العرب تلك الضربات لسوريا، هناك ثلاثة مراكز بحوث مولتها الوكالة الصهيونية العالمية، التى هى «الجامعة العبرية»، «معهد وايزمان»، و«التخنيون» فى «حيفا»، إنهم يعمرون ونحن ندمر ونحتفل بالتدمير، إنهم يرون أن بناء الدولة يكون بالاتجاه للبحث العلمى وإن العلم يهزم العدو ويحقق الحلم، تلك القناعة التى كانت عند «بيريز» عندما أنشأ المُفاعل النووى فى «ديمونا» بعد أن أخذوا التكنولوجيا أو سرقوها من «فرنسا»، وبعدها زار الاتحاد الأوروبى فى عام 1991 ودخل فى أكبر برنامج بحثى فى العالم الذى هو Frame Work 1، واليوم إسرائيل دخلت فى برنامج Horizon وقبله كعضو فى الاتحاد الأوروبى ودفعت من مالها نحو مليار وثلاثمائة مليون دولار فى البرنامج وأخذت منه ملياراً وسبعمائة مليون، بمعنى أنها تُحصِّل أبحاثًا وقيمة أبحاث كتمويل لها أكثر مما هى تدفع.

للأسف أننا نقتل بعضنا بعضاً، وننسى أن «إسرائيل» تتفوق على العرب بالعديد من النواحى، خاصة فى مجال العلم، لكونها تعتبر قضية البحث العلمى قضية أمن قومى، وبالتالى أعطت البحث العلمى أهمية كبرى، بينما العرب تخلوا ربما عن نظرية البحث العلمى، فإسرائيل متطورة فى الصواريخ، ونحن ندفع ثمن 59 صاروخًا أمريكيًا وجه إلى سوريا، وإسرائيل متطورة فى الكمبيوتر وبرامجه، وخصّصت 4.5 من ميزانيتها فى الإنتاج القومى للبحث العلمى، بينما العرب لم يُخصّصوا أكثر من 0.3 فى المائة من الناتج القومى على البحث العلمى.

وللأسف أن الدول العربية تُخصّص من ميزانياتها القسم الكبير للسلاح، إذ إنه تبيّن حسب إحصاءات الأمم المتحدة وأول خمس دول من عشر دول فى العالم من الدول التى تشترى السلاح هى من الدول العربية، وتجاوز رقم مشترياتها إلى 800 مليار دولار.

ورغم أن «إسرائيل» تُشكِّل عُشرَ واحد فى المائة من سكان العالم، ومع ذلك استطاعت فى العام الماضى جذب 20% من الاستثمارات العالمية الخاصة فى سوق الأمن السيبيرى.. وعلى الجانب الآخر وبينما يبتعد العالم العربى عن الإنجاز نجد عدد المُهندسين فى «إسرائيل» هو الأعلى فى العالم، تقريبًا 135 مهندسًا لكل عشرة آلاف عامل يعملون بجد لرفعة بلدهم فى حين ينشغل شبابنا فى الجهاد والكفاح التخيلى، وبناء ناطحات السحاب فى العالم الافتراضى، والسؤال متى سيرى العرب حقيقتهم ويعرفون أنهم على حافة الهاوية، وأنهم يدفعون ثمن جهلهم وتناحرهم، وإسرائيل تزرع وتحصد المزيد من التقدم والرخاء!