رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

اغتصاب طفله لم تتجاوز العامين جريمة بشعه وصادمه اهتز لها قلب المجتمع المصري وعلت صيحات تطالب بالاعدام الفوري للذئب البشري فاعل الجريمة .. وكعادة مصر والمصريين " كل شييء ينسى ولو بعد حين " أو كما قال أديبنا العظيم نجيب محفوظ " آفة حارتنا النسيان .. ياساده هناك اغتصاب أكبر واخطر من اغتصاب الطفلة المسكينة وهو اغتصاب المجتمع عبر أجيال متعاقبة وذبح كل آماله وتقديمها قرابين للسلطان من أكثر من الف عام وحتى يومنا هذا .. الظلم اغتصاب للعدالة ، والقهر اغتصاب للحرية ، والفساد اغتصاب للثروة ، والمهانه اغتصاب للكرامة ، والجهل اغتصاب للعلم والمعرفة ، واحتكار فهم الدين اغتصاب لحرية الايمان ، وفحش الأسعار اغتصاب للحق في الحياه ، والاستبداد اغتصاب للديمقراطية ، إلهاء الناس ليلا علي شاشات الفضائيات بتوافه الحوادث والأكاذيب والتسريبات اغتصاب متعمد  للوعي الجمعي - أما أقبح الوان الاغتصاب كفانا الله شره فيتمثل في التفريط في السياده الوطنية والذي يعتبر اغتصاب للأرض والشرف والتاريخ .

 مرة ثانية اغتصاب طفله رضيع جريمة بشعة تدمي قلب والديها ولكن اغتصاب حق أمة في الحياة الكريمة يعد جريمة اغتصاب جمعي لعموم الأجيال الحاضره والقادمة .. نحن بحاجة لضبط ترمومتر مشاعرنا وأفكارنا ومبادئنا حتى لانكون أمه من البلهاء يزلزل حياتنا هدف خاطيء في مرمي فريق نشجعه ثم ننام ونشخر أمام تلال من حالات الاغتصاب التي نتعرض لها كشعب منذ قرون.. يقول عبد الرحمن الكواكبي ( 1855 - 1902 ) في كتابه العبقري - طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد - " الحكومة المستبدة تكون طبعاً مستبدة في كل فروعها من المستبد الأعظم إلى الشرطي، إلى الفرّاش، إلى كنّاس الشوارع، ولا يكون كل صنف إلا من أسفل أهل طبقته أخلاقاً، لأن الأسافل لا يهمهم طبعاً الكرامة وحسن السمعة إنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدومهم بأنهم على شاكلته، وأنصار لدولته، وشرهون لأكل السقطات من أي كانت ولو بشراً أم خنازير، آبائهم أم أعدائهم، وبهذا يأمنهم المستبد ويأمنونه فيشاركهم ويشاركونه، وهذه الفئة المستخدمة يكثر عددها ويقل حسب شدة الاستبداد وخفته، فكلما كان المستبد حريصاً على العسف احتاج إلى زيادة جيش المتمجدين العاملين له المحافظين عليه ".

 التصوير التاريخي للاستبداد والذي صاغه الكواكبي ببراعة يلخص حالة الاغتصاب الجمعي التي يتعرض لها المجتمع من قرون طويلة لأن استمرار حالة الهوان والاستضعاف أكثر من الف عام لأكبر دليل علي أن طبائع الاستبداد هي السائدة والمهيمنة علي أحوال البلاد والعباد ، ويتفنن من بيده الأمر في إسكات الناس وصرفهم عن المظالم وبؤس الحال بتخديرهم بألسنة رجاله من المتقولين.

 وهنا يضع الكواكبي يده علي الورم المزمن بشرحه للتحالف التاريخي بين  الخطاب الديني والسياسي  والذي يريد أن يوصل للبؤساء والمهمشين قناعة بالآتي " يا بؤساء: هذا قضاء من السماء لا مرد له، فالواجب تلقيه بالصبر والرضاء والالتجاء إلى الدعاء، فاربطوا ألسنتكم عن اللغو والفضول، واربطوا قلوبكم بأهل السكينة والخمول، وإياكم والتدبير فإن الله غيور، وليكن وردكم: اللهم انصر سلطاننا، وآمنّا في أوطاننا، واكشف عنّا البلاء، أنت حسبنا ونعم الوكيل " .

 وبعد قرن من الزمان  يكتب الباحث الكبير الاستاذ علي فهمي في مؤلفه القيم " دين الحرافيش في مصر المحروسه " ( ان القهر السلطوي من ناحية والتمايز الطبقي الصارخ من ناحية ثانيه قد افرز وكرس علي مدي التاريخ الاجتماعي المصري ميلا عارما لدي غالبية المصريين نحو القدرية والتواكلية والسلبيه ) .. مشكلتنا الأزليه أننا شعب مرهق ومستذل من قرون بعيده الي الحد الذي يجعله يعتقد بأن حريته منحه من حاكمه وطعامه صدقة وسكنه إيواء والعدل استثناء يستحق الشكر والثناء .. اغتصاب طفلة جريمة هزت تسعين مليون مصري ، واغتصاب التسعين مليون لم يهز شعره برأس مجتمع اعتاد الخمول  ..

[email protected]