رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

يختارُ بعضُ الناسِ طريقَ الإصلاحِ والتَّجديدِ إيمانًا منهم بضرورةِ هذا المسعى الحميد في النُّهوضِ بأُمَّتهم، ويأبى بعضُ الناسِ إلَّا أن يكون حَجَرًا يتعثَّر عليه جهود المصلحين والمُجدِّدين باختيارٍ منهم كاختيارِ الأوَّلين؛ وصدق الله إذ يقول: {إنَّ سَعْيَكُم لشتَّى}.وقد تقعد ببعض النَّاسِ همتهم عن سُلوك سبيل الإصلاح، فلا يعابون، لكن أن يعمل المرء على محاربةِ أهلِ الإصلاح؛ فهذا العيب ذاته. وأصدقُ مثالٍ على هذا ما نجده من الشَّاعر «أحمد الشَّهاوي» في هجومه المتتابع على الأزهر الشريف ورموزه.

فقد طلعت علينا جريدة «المصري اليوم!» في يوم 19/3/2017م بمقالٍ له بعنوان: «الطيب يرد على حسن حنفي بعد 37 سنة!». جَمَعَ فيه مزيجًا من  الدَّعاوى الفارغة، ومجاوزة حدِّ الأدب.

وهو -بحقٍّ- مقالٌ بلا هدف، وقديمًا قالوا: «الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض».

ومن حق القارئ هنا أن يسأل: لماذا هذا العنوان؟!وما المانع من أن يردَّ شيخ الأزهر؟ وما المانع من عدم ردِّه؟ وما المانع أن يرد عليه في وقته؟ وما المانع أن يرد عليه بعد مئة سنة؟ وما المانع أن يرد عليه في حياته؟ وما المانع أن يرد عليه بعد موته؟!فالجواب ظاهر من عنوانه -كما نقول-، وإنما حمله على كتابة ما كتب بالغ حقده على المؤسسة الأزهرية العريقة ورموزها، يظهر ذلك في فلتاتِ قلمه وانفلاتِهِ.

قصد «الشهاوي» بمقاله هذا الرد على بحث «التراث والتجديد: مناقشات وردود» للإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر. فذكر أنَّ كتيبه صَدَرَ عن دار المعارف 2017م. وهذه أولى مغالطاته؛ فإن هذه ثالث طبعات الكتاب، وطبعته الثانية بدار القدس العربي 2016م، وطبعته الأولى بدار القدس العربي أيضًا 2014م. وقد نُشِر هذا البحث في حولية كلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، العدد (11) سنة 1414هـ - 1993م.

وأمَّا كتاب الأستاذ الدكتور حسن حنفي «التراث والتجديد: موقفنا من التراث القديم» فقد صدرت طبعته الأولى بالمركز العربي للبحث والنشر 1980م، وطبعته الثانية بدار التنوير 1981م، والثالثة بمكتبة الأنجلو 1987م، والرابعة بالمؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع 1992م.

فبين الكتابين (13) سنة، وإن شئت فقل: سنة واحدة، وليس (37) سنة كما زعم «الشهاوي» مُشغِّبًا! وكان الأمر أهون من أن يطال فيه هذه الإطالة، لولا أنَّ الكاتب سلَّط قلمه عليه، وجعله عنوان مقاله. ولو سلَّمنا له ذلك، فلا مانع أيضًا من تأخُّر الردِّ؛ وقد كان العلماء قديمًا يردُّون على ما يستوجب الرد -نصحًا للناس- وإن مات صاحبه؛ لأن الأقوال لا تموت بموت أصحابها كما هو معلوم.

وأنتقل الآن إلى الحديث عن أولى مثالب ما كتب؛ فاقرأ تَرَ عجبًا: «يمثِّل الدكتور أحمد الطَّيِّب في كتيبه «التراث والتجديد: مناقشات وردود»... بمقاطع ممن يردُّ عليهم من المفكِّرين وأساتذة الفلسفة، من دون أن يحيل إلى اسم الكتاب، أو اسم الصفحة (كذا)، أو اسم من كتب، ويضعها مُجَهلة، وهذا عمل لا يجوز أن يصدر من باحث أكاديمي، وغير معتاد أو متعارف عليه في الدراسات العلمية المُحَكَّمة، ولا أدري كيف فات عليه أمر كهذا؟». انتهى.

وهذا الكلام يكفي في ردِّه أن ينظر القارئ في صفحات الكتاب من أوله إلى آخره، وسيرى أنه قلَّ أن تخلو صفحة من صفحاته من إحالات إلى المصادر، مع أسماء مؤلِّفيها، واسم الصفحة -على حدِّ تعبير كاتبنا المُبجَّل! وتابع «الشهاوي» تجاوزه فقال: «هناك ليّ متعمَّد من قِبل الباحث في كتيبه؛ إذ يشير في (صفحة 40) إلى أن حسن حنفي يساوي بين السيرة الهلالية والقرآن...».

أفيليق بك أن تخاطب شيخ الأزهر بهذه النبرة الفجَّة وأنت الذي تنقم عليه أنه خاطب الدكتور حسن حنفي بقوله: «الأستاذ الكبير.. الأستاذ الفاضل.. الأستاذ الكبير المجدِّد» وتعدُّه نوعًا من السُّخرية؟ نترك الحكم للقارئ. أما تسوية الدكتور حسن حنفي بين السيرة الهلالية والقرآن، فهو أمر ظاهر للعيان في قوله: «الشعوب تحفظ تراثها الشعبي قَدْرَ حفظها تراثها الدِّيني، يغنِّي الناسُ للمطربين، ويطربون لسماع القرآن».وكأن التراث الشعبي حُفِظ بالأسانيد المتواترة والصحيحة كحفظ التراث. ولو حملنا «الحفظ» على الاستظهار، فهل يجوز أن نسوِّي بين ما يحفظه الناس تعبُّدًا، وما يحفظونه تلهِّيًا؟ ولو قلَّبنا «الحفظ» في كلامه على المعاني المحتملة وغير المحتملة- ستبقى الجملة مُستبشعة، والمقابلة بين القرآن والغناء مستهجنة. تبقى في مقالة «الشهاوي» كثير من النقاط بحاجة إلى تفنيد، سآتي عليها -إن شاء الله- في مقالات متتابعة.