رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

تركيا لم تقرأ -بحصافة- ملامح الموقف الهولندى من البداية عندما رفضت أمستردام تنظيم تركيا لقاءات جماهيرية مع الأتراك على أراضيها لاعتبارات تتعلق بالأمن العام، كما أن ما فعلته السلطات الهولندية يدخل فى إطار ممارستها لحقوق السيادة، إضافة إلى أن قيمها الديمقراطية، تمنعها من دعم أردوغان فيما ترى أنه سعى من قبله للانفراد بالسلطة فى تركيا ويمكن القول إن الانتقال إلى مرحلة التصعيد بين البلدين هو فى واقع الأمر انعكاس لاحتقان وتوتر، يسودان منذ فترة العلاقات بين تركيا وأوروبا بشكل عام، وقد ظهر فى مناسبات عدة إثر محاولات لحظر تجمعات جماهيرية، يحضرها وزراء أتراك لمخاطبة جالياتهم فى ألمانيا والنمسا وهولندا، ومرجحة لاعتقاد لدى السلطات التركية أن دول الاتحاد الأوروبى قد خذلت أردوغان خلال وبعد محاولة الانقلاب العسكرى الفاشل، الذى شهدته تركيا فى 15 يوليو/تموز من العام الماضى، وهو الموقف الذى عبر عنه العديد من المسئولين الأتراك فى مناسبات كثيرة وفى الوقت نفسه نجد المسئولين الأوروبيين قد عبروا بصور مختلفة عن هواجسهم من اتجاه السياسة التركية نحو الحكم الشمولى الذى يعزز طموح أردوغان فى الانتقال ببلاده من الديمقراطية إلى الديكتاتورية، وهو ما يتعارض مع الميراث الديمقراطى فى أوروبا ويضعف روابط تركيا بشركائها الأوروبيين غير أن تفسيرنا للموقف التركى الذى يتمثل فى قيام أنقرة من حشد لجالياتها فى الدول الأوروبية بأنه محاولة للاستفادة من عدد أصوات الأتراك الذين يقيمون بغرب أوروبا، وإثارة تفاعلهم مع قضايا وطنهم الأم، وهو إجراء اصطدم برفض من قبل العديد من الدول الأوروبية مؤخراً، التى ترى أن ولاء المواطنين الأتراك كمواطنين يحملون جنسيات الدول التى يقيمون بها، لا بد أن يكون لهذه الدول أولاً، وقد ظهر واضحاً فى الحالة الأخيرة للتصعيد بين تركيا وهولندا، أن القضية أدت إلى زيادة أسهم اليمين المتطرف الذى يتهم هؤلاء بأن ولاءهم ليس لهولندا وبغض النظر عن محاولات التصعيد نطرح سؤالاً مهماً: هل ستطول هذه الأزمة فى العلاقات التركية الأوروبية؟

نلاحظ أن هناك متغيرين يحكمان المدى الذى ستصل فيه هذه الأزمة، المتغير الأول أن تصريحات الساسة الهولنديين مثلاً تتجه نحو احتواء الأزمة والميل للتهدئة، رغم اعتقاد رئيس الوزراء الهولندى أن ما حدث أسوأ أزمة تشهدها بلاده منذ سنوات وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد رفضت فى وقت سابق دعوات بالتصعيد ضد أردوغان من قبل شركائها السياسيين خاصة بعد حكم بالسجن بحق صحفى ألمانى فى تركيا.

هناك متغير آخر قد يجبر الطرفين على التهدئة، حيث يبدو هذا واضحاً فى حجم الشراكة الاقتصادية بين تركيا والاتحاد الأوروبى، إذ تشير بيانات مكتب الإحصاء الأوروبى «يوروستات» إلى أن تركيا تأتى فى المرتبة الخامسة، فى حجم التبادل التجارى مع الاتحاد الأوروبى، هذا إضافة إلى صعوبة تخلى أوروبا عن تركيا، كشريك استراتيجى وعسكرى وعضو فى حلف شمال الأطلسى فى وقت تبدو علاقاتها بأمريكا فى عهد ترامب وبروسيا أيضاً فى حالة ضبابية.

خلاصة القول إن الكرة باتت اليوم فى ملعب أردوغان لإعادة النظر بعلاقات بلاده مع الدول الأخرى، خاصة دول الاتحاد الأوروبى لا سيما أنه قد فشل سياسياً وإعلامياً فى الترويج للخطوات السياسية التى يريد إحداثها فى النظام السياسى التركى!