عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تمر هذه الأيام الذكرى السادسة عشرة على رحيل القطب الوفدى المناضل الكبير على إبراهيم سلامة، ورغم ذلك فما زال يعيش بمبادئه وتاريخه النضالى، الذى سطره على مدار تاريخ حياته، فقد نشأ على إبراهيم سلامة فى مناخ سياسى مضىء لم يتوفر إلا للقليل جداً من أبناء جيله بين عمالقة السياسة وأصحاب التاريخ النضالى الناصع، ولد فى قرية المنوات إحدى أهم قرى محافظة الجيزة، التى ارتبطت فيما بعد باسمه.

وكان للزعيمين سعد باشا زغلول، ومصطفى النحاس باشا، تأثير قوى فى بناء ونصح شخصية المناضل على سلامة، حيث قاده حب الوطن والوطنية منذ نعومة أظافره إلى الوجود ومعايشة هاتين القامتين وتأثر بهما تأثيراً بالغاً وأصبح ملازماً لهما، حتى وفاتهما وبعد أن رسخ فى يقينه أن الوطنية فى أبهى صورها تجسدت فى الزعيمين زغلول والنحاس اللذين علما الدنيا الحرية والديمقراطية والدفاع عن الوطن فى العصر الحديث، استكمل طريق الجهاد والدفاع عن الوطن برفقة الزعيم فؤاد باشا سراج الدين الذى أعاد الوفد مرة أخرى إلى الحياة السياسية عام ١٩٧٨.

ولد على سلامة فى الأول من يوليو عام 1917، أى قبل ثورة 19 بعامين، وكان الاحتلال الإنجليزى ينهش فى الجسد المصرى العليل، وفتحت عيناه على ظلم واستبداد استعمار غاشم أراد أن يكسر ويستعبد شعباً أبياً عَلم الدنيا الحرية والوطنية والنضال، ومن هنا تكونت شخصية على سلامة الذى نشأ من أسرة بسيطة استطاع أن يكون قدوة ونبراساً لأجيال وأجيال تربت على يديه وما زالت أنفاسه تحيى الأمل فى شباب ترى فيه القدوة والأمل، وما زالت أعماله الخالدة تشهد على بقائه من جيل إلى جيل.

هو من الوفديين القلائل الذين قادوا معارضة شرسة ضد أنظمة متعددة، خاصة نظام مبارك الفاسد المستبد، فقد تربى على يديه أجيال من قادة الوفد العظام، الذين قادوا مسيرة الوفد حتى الآن.

شغل على سلامة عدة مناصب تنظيمية داخل حزب الوفد، فكان عضو الهيئة العليا للوفد والسكرتير المساعد منذ عاد الحزب إلى العمل السياسى عام 1978 حتى وفاته فى عام 2001، ومن أقواله المأثورة «لن يتحقق ما تحلم به إلا بالعمل الجاد ولن تجنى ثماره الا بالسعى الدؤوب».

وكانت انطلاقته وهو فى ريعان الشباب وعمره لا يتجاوز العقد الثالث وبمشاركة أبناء أهل قريته قام ببناء أول مدرسة لأبناء قريته لتصبح شعاع الشمس الذى أنار طريق العلم والأمل للملايين من أبناء محافظة الجيزة، التى خلصتهم من الجهل وضياع حلم استكمال طريق العلم وأزالت عنهم عناء ومشقة السفر إلى المدينة، ليحصلوا على العلم وتكون الطريق إلى الجامعة حلم ملايين الشباب من أهالى محافظة الجيزة، خاصة أن أبناء أهل هذه القرى من البسطاء والكثير منهم من الفقراء ولا يستطيعون أن يتحملوا تكلفة التنقل إلى مدارس المدينة البعيدة، هذا بالإضافة إلى عدم وجود وسائل مواصلات فى هذا الوقت إلا للقادرين فقط، وهنا صمم على سلامة على البدء فى تحقيق الحلم الكبير، وبدأ حملة كبرى لجمع تبرعات وبناء منارة العلم لأهل قريته، وجال وصال هنا وهناك وطاف كل محافظات مصر لجمع الأموال ليضع أول لبنة فى بناء مدرسة ثانوى لأهل قرية المنوات وكل القرى المجاورة، وشارك على سلامة فى تنظيف أرض المدرسة من الأحراش وكانت الأرض عبارة عن مستنقع كبير قاموا شباب ورجال القرية بقيادة على سلامة بردم المستنقعات ليتحول الحلم المستحيل إلى حقيقة واقعية تشهد على رجل افنى عمره من أجل الآخرين وتكون مدرسة المنوات الثانوية شهادة على ذلك، وتصبح المدرسة الوحيدة فى منطقة جنوب الجيزة، التى تخرج منها أجيال وأجيال من رجال ونساء على حد سواء وأصبح منهم علامات بارزة فى المجتمع المصرى الآن.

وارتبطت قرية المنوات التى تقع فى مركز ومدينة الجيزة باسم المناضل الوفدى العظيم على إبراهيم سلامة، وأصبح مثار فخر واعتزاز لأهالى محافظة الجيزة الذى مثلهم على مدار عمله السياسى تحت قبه البرلمان وكان صوتهم الحقيقى، بل كان صوت كل المصريين فى الدفاع عن الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية ولم يرضخ للظلم ولم يستكن له، قاد نضالاً عظيماً وحرباً شرسة ضد أنظمة الاستبداد والفساد والظلم من أجل الدفاع عن الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، ولأنه ولد فى أسرة بسيطة، فكان دائماً يشعر بمعاناة البسطاء، وواجه طغيان وجبروت زكى بدر، وزير داخلية مصر فى ذلك الوقت الذى أسس التعذيب والقهر فى سجون مبارك، رفض أن يُهان المواطن المصرى على يدى رجال زكى بدر، ورفض القبضة الأمنية الغاشمة ضد أبناء هذا الشعب وقدم الكثير من الاستجوابات العاجلة ضد تعذيب وإهانة المواطن المصرى ومن أشهر تلك الاستجوابات حادثة الجبل الأحمر وحادثة وكرداسة الشهيرة.

كما أنشأ على سلامة أيضاً بالجهود الذاتية المعهد الأزهرى الذى كانت منبراً مضيئاً لأهالى قرى جنوب الجيزة، ومركز على سلامة الطبى، الذى يخدم عشرات الآلاف من أهل جنوب الجيزة. مات على سلامة ولم يكن فى رصيده جنيهاً واحداً وكان معروفاً بالنزاهة والشفافية والصدق فى القول والعمل، ولم يدخر جهداً فى خدمة المواطنين.

شارك على سلامة فى ثورة الطلبة والعمال عام 1935 ضمن المطالبين باستقلال مصر وعودة دستور 1923 الذى ألغاه إسماعيل باشا صدقى واستبدل به دستور 1930 المستبد والمقيد للحريات، وتعرض لحملات اضطهاد وتم نفيه لأقاصى الصعيد بسبب نزعته الوفدية.

فاز على سلامة بعضوية مجلس الشعب سنة 1976، وكان ينافسه «على رؤوف» مرشح الحكومة وشقيق السيدة جيهان السادات حرم الرئيس الراحل محمد أنور السادات وكان لنجاحه صدى كبير داخلى وخارجى تحدث عنه كافة الوسائل الإعلامية والصحفية.

وعاش على سلامة حياة النضال والكفاح من أجل الوطن ودخل السجون والمعتقلات مرات عديدة، كان أشهرها بسبب اشتراكه فى تشييع جنازة مصطفى النحاس باشا رحمة الله عليه عام 1965. واشترى على سلامة قبراً ملاصقاً للزعيم مصطفى النحاس وفؤاد باشا سراج الدين ليكون بجوار رفقاء دربه، وبالفعل مات على سلامة بعد وفاة فؤاد باشا مباشرة وكأنه يرفض الحياة بدون رفيق دربه.

[email protected]