آفة الصحافة
تشهد هولندا بعد غد الأربعاء 15 مارس اجراء الانتخابات البرلمانية الهولندية وسط حالة من القلق ، يشوبها جدل وشكوك ومخاوف المجتمع الهولندى ، وخاصة المواطنين من أصول أجنبية بوجه عام ، وعلى رأسهم الجاليات الإسلامية .
مشاعر القلق تعترى غالبية الشعب الهولندى من إحتمالية تحقيق فوز كبير لليمينى المتطرف السياسى " خيرت فيلدرز " ، وهى شريحة مُعتدلة تتسم توجهاتها بالتسامح ، ترغب فى التعايش السلمى لكافة المواطنين بمختلف عقائدهم الدينية والسياسية ، دون النظر لجنس أو عرق ، ومن بين غالبية الشعب الهولندى قلة تتأرجح توجهاتها بين الاعتدال والعنصرية ، لكنها تخفى تطرفها " عند الضرورة " بالتأجيل لإعلاء المصلحة العليا لهولندا ، انطلاقاً من مبدأ تجنيب البلاد صراعات أو صدامات شعبية تكون نتائجها خسائر إقتصادية ، تعصف بحالة الاستقرار الإجتماعى التى تتميز بها هولندا ، ذلك البلد الذى يعتبر أصغر الدول الأوروبية الكُبرى وأكبر الصُغرى ، وهو التوصيف السياسى الإقتصادى الذى تطلقه إدارة هولندا السياسية على بلدها .
أما حالة الجدل فهو تدور بوجه خاص هذه المرة وسط الجاليات الاسلامية التى تعيش وسط حيرة بسبب عدم وجود إجابات شافية كافية لكثير من الأسئلة وأهمها: عن أي الأحزاب الهولندية تحظى بمصداقية فى اعلانها انها ستقف فى صف الهولنديين من أصول أجنبية ؟! . . وهل يوجد من بينهم فعلا من يؤمن بحق
مستقبل أفضل لأبناء الجيلين الثانى والثالث والرابع أيضاً بدون تمييز عرقى أو عنصري ؟ . . ، وهل من بينهم من يؤمن حقيقة بالمساواة وحرية ممارسة العبادة ولديه النية للفصل بين الدين الاسلامى والاعمال الإرهابية ؟ .
مناخ الشكوك يسيطر بالدرجة الأولى على عرب ومسلمي هولندا ، لعدم ثقتهم فى مدى التفهم الحقيقى للأحزاب السياسية لخطورة تهديدات " فيلدرز " اليميني السياسى المتطرف بأغلاق المساجد ، وحظر القرآن الكريم ، وتتضاعف حالة الشك ازاء استغلال مخاوف المسلمين لكسب أصواتهم فى الانتخابات البرلمانية بإعلان حماية المساجد ودعم المؤسسات الاسلامية في برامجها الانتخابية .
فى ذات الوقت تتزايد حدة المخاوف من اعلان زعيم الحزب اليميني المتطرف " خيرت فليدرز " بورقة طلبات اللاجئين المسلمين ومطالبته بإغلاق الحدود الهولندية أمامهم ، وأنه حال فوزه برئاسة الحكومة الهولندية سيسمح فقط بدخول المسيحيين .
فى ظل هذه الحالة انه يشارك للمرة الأولى " الحزب الإسلامي الجديد " الذى أصبح يحظى مؤخراً بشعبية كبيرة فى أوساط الجاليات العربية وأكثرها عددا أبناء المغرب وتركيا وبإعلانه انه سيعمل على حماية الإسلام والمسلمين ، وحماية المساجد والتصدى لكل أنواع العنصرية واضطهاد المسلمين واللاجئين ، تمكن بالفعل من جذب هولنديين من أصول أجنبية مختلفة ومن بينهم المصريين المسلمين ، خاصة المتشددين وأنصار الجماعات السلفية والاخوان المسلمين .
أيضاً يشارك فى الانتخابات البرلمانية للمرة الأولى الهولندى من أصل مصرى " عصام عبيد " العضو فى حزب الاتحاد المسيحي الهولنديCU ، وهوالمرشح المصري الوحيد فى تلك الانتخابات ، وقد وضعه الحزب فى قائمته بالرقم 23 ، وبعيداً عن لغة الأرقام أو رصد توقعات بنجاحه وفوزه بمقعد فى البرلمان الهولندى من عدمه ، الا ان خريطة الانتخابات البرلمانية صعبة ومتشابكة الخيوط والمصالح الحزبية البحته ، وان كان فوز مصرى بكرسى فى مجلس النواب الهولندى حال حدوثه سيكون فى كل الأحوال مكسباً كبيراً ، ان لم يتمكن من الوفاء بوعوده ووعود الحزب الذى ينتمى اليه فان المكسب الأدبى سيكون له صدى فى مصر وخاصة هنا فى أوساط المجتمع المصرى القبطى بهولندا .
فى ذات الوقت لا يمكن اغفال حقيقة واقع نتائج تحليلات سياسية أفادت بذكر أنه كان من الأجدى ان ينضم عصام عبيد لحزب لا يقوم على أساس دينى مسيحى او اسلامى ، لأن ترشيحه على قائمة حزب مسيحى ساهم فى شقاق سياسى وفرقة فى تفتيت الأصوات ، ولا ننكر ايضاً انه يروج لتبنى قضايا كل الأجانب من الشرق الأوسط .
فهل المصرى عصام عبيد لعبة فى حلبة الديمقراطية الهولندية بنكهة شرق أوسطية ؟ . . هذا ستكشف عنه الأيام المُقبلة .