عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

لى عتاب شديد على الدولة المصرية من كبيرها لصغيرها، ومن مؤسساتها الرسمية إلى كياناتها الشعبية. وعتابى أشد على رئيس الجمهورية الذى لو أراد لفعلوا، وإن أشار لاستجابوا، وإن أعطى تعليماته لنفذوا فوراً.

والسبب أن الدولة بمسئوليها ورجالها ومفكريها ومُنظريها وفنانيها ومُستشاريها ونُخبتها وهيئاتها وجامعاتها وصُحفها وفضائياتها أسدلت ستائر من الصمت على ذكرى أعظم الثورات وأنبل الهبات فى تاريخ مصر، وهى ثورة 1919، التى سنحتفل بعد عامين بمرور قرن من الزمان على قيامها.

مر يوم 9 مارس كأى يوم، لا عُطلة، ولا احتفال، ولا كلمة رسمية، ولا ذكر من أى مسئول رغم أن ذلك اليوم كان الميلاد الحقيقى للوطنية المصرية، ففيه ثار الناس، بلا توجيه خارجى، وبكل الطوائف والطبقات، لا ضد حاكم مصرى، وإنما ضد مُحتل أجنبى. وفيه سقط الشُهداء، واهتزت أقوى الإمبراطوريات، واختار المصريون بإرادتهم حكومة مُنتخبة رغم أنف السراى وضد رغبة المُحتلين.

إن حُكام مصر بعد 1952 تناسوا يوم الثورة وتجاهلوه عمداً، وعندما جاء عبدالفتاح السيسى رئيساً لمصر من خارج المشهد تصورنا أنه سيفتح الباب لرد اعتبار عظماء وساسة صدقوا ما عاهدوا الوطن عليه، ولكنه أغمض عينيه سائراً على درب أسلافه فى قراءة نصف التاريخ، ونسيان مَن كانوا قبل 23 يوليو.

ولعدة مرات زار السيد الرئيس ضريحى الرئيسين السابقين أنور السادات، وجمال عبدالناصر، وأطلق اسميهما على حاملتى الطائرات الميسترال، لكنه لم يُفكر أبداً فى زيارة ضريح سعد باشا زغلول أو مصطفى باشا النحاس، رغم عظم ما قدماه للوطن.

لقد كان مفهوماً أن يتجاهل الرئيس مبارك ذكرى سعد والنحاس وثورة 1919، ذلك لأن مبارك كان يرى أنه يستمد شعبيته مثل سلفه من ثورة 23 يوليو، وأنه امتداد لها، لكن الرئيس السيسى جاء إلى الحكم بانتخاب مباشر تم بين أكثر من مُرشح، ولم يصل للحُكم باستفتاء، أو نيابة. اختاره الناس بمحض إرادتهم وهو ما يعنى أنه يستمد شعبيته من الناس، من الشعب، من المصريين بكافة طوائفهم ومعتقداتهم، وليس من ثورة أو حركة يوليو 1952.

من هُنا فإن لنا دَيناً فى عُنق الرجل، لنا لا الوفديين وحدهم، وإنما المصريين جميعاً، خاصة الواعين بالتاريخ، العارفين بالأبطال المنسيين، وبأيام الوطن الخالدة التى أسقطتها حركة يوليو من ذاكرة الأمة. إن حقنا كمصريين أن نجد من الرئيس اهتماماً لمحو زيف ورد اعتبار لزعماء مصر الحقيقيين، ووقوفاً مع الصدقية وتصحيح التاريخ واستلهام روح الثورات الحقيقية.

إننا لو تأملنا بدقة فيما جرى يوم 9 مارس 1919 لوجدنا أنه اليوم الوحيد فى تاريخ مصر الذى يُمكن أن يطلق عليه كلمة «ثورة» دون أى تحفظات. ورغم ذلك فقد رحل سعد زغلول فى 23 أغسطس 1927 ثُم رحل مصطفى النحاس فى نفس اليوم سنة 1965، ولم يُنتج مُسلسل واحد عن أحد الرجلين، فى الوقت الذى أنتجت فيه مسلسلات وأفلام عن الشيخ الشعراوى، وسُعاد حُسنى، وإسماعيل ياسين، وأسمهان.

فويلٌ لأمة تدفن زُعمائها وتُفرغ ذاكرتها.

والله أعلم.

[email protected]