عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

كانت الأمطار قد تحولت إلى ما يشبه السيل.. أكثر من المعتاد فى هذا الصباح الصيفى بالعاصمة السياسية «لاهاى»، وكأنها تودعنا قبل سفرتنا فى إجازة للقاهرة حتى لا ننسى، المطر بهولندا شىء تقليدى تعتاده يومياً فى جميع فصول العام، لكنى فى هذا اليوم تمنيت أن تعفينا السماء من دمعها، لنصل فى سلام إلى مطار سخيبهول فى موعدنا، كنا قد اتصلنا مسبقاً بشركة للسيارات لإرسال تاكسى فى العاشرة صباحاً ليقلنا والحقائب للمطار، غير أن الأمطار الغزيرة، والرعد والبرق جاء بما لا نشتهى، وتأخر وصول التاكسى لنا عشر دقائق، فاتصلنا بالشركة لنشكو هذا التأخير، ألهج لسان المسئول بالشركة بسيل من الاعتذارات بسبب السيول، وقرر تعويضنا بأن تكون التوصيلة على حساب الشركة، مع تقديم «بون» هدية لتناول مشروبات بالمطار، وتعهد أنه فى حال عدم لحاقنا بالطائرة، أن يتم استضافتنا على نفقة الشركة بفندق المطار، مع تعويضنا بتذاكر طيران لأفراد الأسرة الخمسة على أول طائرة تتجه للقاهرة.

الحق يقال إن اعتذار الشركة بهذا الأسلوب المتحضر المسئول، والعرض السخى حال فاتتنا الطائرة، كل هذا أنزل الهدوء والسكينة بأنفسنا، فلم نشعر بالسائق المهذب ذي القفاز الأبيض وهو يطوى بنا الأرض ليعوض دقائق التأخير وللمفارقة وصلنا فى موعدنا بالضبط.

تذكرت تلك الواقعة التى مر عليها أكثر من عشرة أعوام، وتذكرت مدى الدقة والالتزام فى مواعيد المواصلات العامة بهولندا، والكثافة غير المعقولة فى تسيير الأتوبيسات والترام والقطارات، كل ربع ساعة أتوبيس وترام ومترو، وكذلك الحال بالنسية للقطارات، أما التذاكر فتتم إلكترونيا، بمعنى أنك تشترى كارت من أى بقالة أو شباك تذاكر، وتتولى أنت بنفسك ختم نقطة أو أكثر من نقاط الكارت عبر ماكينة إلكترونية بداخل وسيلة المواصلات أو على المحطة، ويتوقف الأمر على ضمير المواطن فى ختم الكارت وفقاً للمسافة التى سيقطعها، حيث يتم تحديد المسافات عبر لوحة إرشادات معلقة بقلب المحطة ليعرف المواطن كم نقطة سيختم، وبالطبع لا يتم ترك الحبل على الغارب للمواطن، بل هناك تفتيش فجائى يحدث من قبل المفتشين ورجال الشرطة وهناك أيضاً تفتيش على الركاب عقب نزولهم من وسيلة النقل.

والله تذكرت كل هذا وأنا أقرأ خبر هذا المواطن المسكين الذى انتظر 22 عاماً لتقضى له محاكمنا بالتعويض الضئيل من هيئة السكك الحديدية لتسبب قطار الإسكندرية فى تعطيله عن أداء امتحانه عام 95، حيث تعطل القطار وضاع عليه الامتحان، مما سبب له أضراراً تعليمية ونفسية كبيرة.

أكثر من 22 عاماً كان فيها المواطن طالباً، والآن عله يقترب من المعاش، والقضية لم يحكم فيها إلا الأسبوع الماضى بعد أن مرت بمراحل نقض وطعن ورفض وإعادة، لقد أبهرنى إصراره وتمسكه بحقه وأذهلنى بطء العدالة.. سيادة القضاة من غير زعل، فما أقوله ليس عيباً فى الذات القضائية، ولا محاولة للنيل من هيبتها، فالقضاء هو الحصن المنيع الذى نحتمى به جميعاً ونلوذ به لنيل الحق ودرء الظلم.. ولكن ما حدث فى قضية هذا المواطن شىء لا يصدقه عقل، بطء العدالة ظلم يا سادة، وما يحدث فى محاكمنا من «عرج» فى إجراءات التقاضى وإصدار الأحكام يضر بنا جميعا وبمجتمعنا.. ما قيمة حق يعود إلينا بعد فوات الأوان، ما قيمة ملايين فى المشيب بعد أن سلب حقى فى الشباب، أما ما يحدث فى عالم النقل والمواصلات بمصر، فهو كارثة أخرى بكل المعايير وأيضاً من غير زعل.. وللحديث بقية.

[email protected]