رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى ذكرى وفاته الخامسة تمرُ علينا ذكراه العطرة فنذكره بحضور جارف فياض لنذكر معالم فلسفة عقلية عشناها معه بعد أن أقامها أستاذنا طيَّبَ الله ثراه بمنهجية دقيقة تنبذ التقليد وتأخذ بالتجديد وتنبنى على أساس من العقل والنقد والتنوير، الأمر الذى يجعل من آثاره الفكرية والمعرفية، حيوية باقية لا يمكن الاستغناء عنها وبخاصة فى مرحلتنا الراهنة. فلا معنى للفلسفة بغير النقد، ولا يقوم النقد بغير إعمال العقل، والهدف من إعمال العقل ونهوض الفلسفة النقدية هو التنوير، واقتدار الذهن على ممارسة العمل العقلى البناء، وتقويض دعائم الخرافة والتضليل والجهالة وكل عوامل الهباب الفكرى والنفسى نعانيه اليوم فيما يظهر من عنف وتطرف وإرهاب ورجعية غارقة فى لا معنى. ويستحيل على الحياة الفكرية المعاصرة أن تقوم لها قائمة بغير الأثر الفعال تتركه هذه المحاور مجتمعة فى عقول وقلوب أبناء أمتنا العربية لتشكل وعيًا حضاريًا فيما هو حاضر وفيما هو قادم.

فى الكتابات الأولى منذ النزعة العقلية فى فلسفة ابن رشد، والفلسفة الطبيعية فى فلسفة ابن سينا، أخذ أستاذنا على عاتقه تأسيس المنهج العقلانى الذى من شأنه أن يفرز «العلم»، ثم شاء أن يفرعه تباعًا على أكابر الفلاسفة المسلمين سواء كانوا مشارقة أو مغاربة، فكانت رائعته الفكرية «ثورة العقل فى الفلسفة العربية». ومن تأسيس المنهج العقلانى وتأصيله فى تراثنا العربى الفلسفى اقترنت لديه هذه المحاور الثلاثة تحديدًا. أولها العقل، والعقل مُطلق العقل. وثانيها: النقد الذى ظهرت ملامحه واضحة جلية فى المنهج النقدى فى فلسفة ابن رشد، دراسة مستقلة بذاتها وافية ومتوسعة بعد أن كانت فكرة بادئ الرأى نشرها فى مقال ثم وسّعها من بعدُ فى كتاب. وثالثها: التنوير، وهو الهدف الذى توَجَّه به لإحياء الطاقات الثقافية والفكرية لأمتنا العربية، وظل يطرق عليه غاية معرفية نبيلة حتى يوم رحيله عن عالمنا مساء الأربعاء أثناء محاضرة كان يُلقيها لطلابه بمعهد الدراسات الإسلامية فى 29/2/2012م.

والتركيز على هذا الهدف هو لبُّ لباب كتابات أستاذنا الدكتور عاطف العراقى، وبخاصة المتأخرة منها نسبيًا، كالعقل والتنوير مذاهب وشخصيات، والفلسفة العربية والطريق إلى المستقبل، والفلسفة العربية مدخل جديد، وكثورة النقد فى الفلسفة والأدب والسياسية، ثم تطبيق هذه الخيوط المنهجية على رواد الإصلاح والتنوير فى عالمنا العربى اهتمامًا من جانبه بالفكر العربى المعاصر يقدِّمه برؤية نقدية بدءً من رفاعة رافع الطهطاوى ومرورًا بالأفغانى ومحمد عبده وانتهاءً بزكى نجيب محمود، وعثمان أمين، والأهوانى من أساتذته الذين أثروا فيه، ولا يفوته أن يشير فى مناسبات عديدة إلى ثمار إنتاج تلاميذه ممَّن غَرَس فيهم قيمة البحث العلمى من أجل العلم لا من أجل شىء آخر سواه.

وعلي الرغم من تكاتف زملائه وتلاميذه لعمل كتاب تذكارى ضخم عن آثاره الفكرية والمعرفية ظهر فى حياته بتصدير د. فؤاد زكريا، وتقديم تلميذه المُقَرَّب إلى قلبه أستاذنا الدكتور أحمد الجزار عميد آداب المنيا الأسبق، وعلي الرغم من بعض الدراسات الجامعية التى كتبت عنه إلا أن فكر عاطف العراقى من الخصوبة والثراء بحيث يحتاج منّا إلى مزيد من البحث والتنقيب والدراسة، وتوجيه أنظار شباب الباحثين إلى إنتاجه المعرفى فى إطار هذه المحاور العقلانية الكبرى، ناهيك عن تفرعها وتوظيفها قديمًا وحديثًا ومعاصرًا لخدمة القضايا الثقافية اليوم.

وكيل كلية الآداب - جامعة قناة السويس