رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

عودة إلى رسالة فى ليلة التنفيذ

 

لنستمع إلى صوت الشهيد - الذى حكم عليه بالإعدام حياً - من تراب قبره المعبق أبداً بالزهور والرياحين وعطر الياسمين.

أبتاه.. أبتاه.. أبتاه

أبتاه ماذا قد يخط بنانى      والحبل والجلاد ينتظران!

هذا الكتاب إليك من زنزانة    مقرورة صخرية الجدران

لم تبق إلا ليلة أحيا بها       وأحس أن ظلامها أكفانى

ستمر يا أبتاه -لست أشك فى  هذا- وتحمل بعدها جثمانى

<>

الليلة من حولى هدوء قاتل       والذكريات تمور فى وجدانى

ويهدنى ألمى، فأنشد راحتى      فى بضع آيات من القرآن

والنفس بين جوانحى شفافة       دب الخشوع بها فهز كيانى

قد عشت أومن بالإله ولم أذق    إلا أخيراً لذة الإيمان

<>

شكرا لهم، أنا لا أريد طعامهم    فليرفعوه فلست بالجوعان

هذا الطعام المر ما صنعته لى     أمى، ولا وضعوه فوق خوان

كلا، ولم يشهده يا أبتِ معى       أخوان فى جاءاه يستبقان

مدوا إلىّ به يدا مصبوغة         بدمى وهذه غاية الإحسان

<>

والصمت يقطعه رنين سلاسل    عبثت بهن أصاع السجان

ما بين آونة تمر.. وأختها          يرنو إلىّ بمقلتى شيطان

من كوة بالباب يرقب صيده       ويعود فى أمن إلى الدوران

أنا لا أحس بأى حقد نحوه          ماذا جنى فتمسه أضغانى

هو طيب الأخلاق مثلك يا أبى     لم يبد فى ظمأ إلى العدوان

لكنه إن نام عنى لحظة               ذاق العيال مرارة الحرمان

فلربما وهو المروع سجنه         لو كان مثلى شاعرًا لرثانى

أو عاد -من يدرى؟- إلى أولاده    يوماً وذكر صورتى لبكانى

<>

وعلى الجدار الصلب نافذة بها   معنى الحياة غليظة القضبان

قد طالما شارفتها متأملاً          فى الثائرين على الأسى اليقظان

فأرى وجوماً كالضباب مصوراً   ما فى قلوب الناس من غليان

نفس الشعور لدى الجميع وإن هم    كتموا، وكان الموت فى إعلانى

ويدور همس فى الجوانح ما الذى    بالثورة الحمقاء قد أغرانى

أو لم يكن خيرًا لنفسى أن أرى     مثل الجموع أسير فى إذعان؟

ما ضرنى لو قد سكت، وكلما     غلب الأسى بالغت فى الكتمان؟

هذا دمى سيسيل، يجرى مطفئاً     ما ثار فى جنبى من نيران

وفؤادى الموار فى نبضته          سيكف فى غده عن الخفقان

والظلم باق يحطم قيده             موتى ولن يودى به قربانى

ويسير ركب البغى ليس يضيره    شاة إذا اجتثت من القطعان

<>

هذا حديث النفس حين تشف عن    بشريتى، وتمور بعد ثوان

وتقول لى: إن الحياة لغاية           أسمى من التصفيق للطغيان

أنفاسك الحرى وإن هى أخمدت     ستظل تغمر أفقهم بدخان

دمع السجين هناك فى إغلاله        ودم الشهيد هنا سيلتقيان

حتى إذا ما أفعمت بهما الربا        لم يبق غير تمرد الفيضان

ومن العواصف ما يكون هبوبها    بعد الهدوء وراحة الربان

إن احتدام النار فى جوف الثرى      أمر يثير حفيظة البركان

وتتابع القطرات ينزل بعده          سيل يليه تدفق الطوفان

فيموج، يقتلع الطغاة مزمجرًا     أقوى من الجبروت والسلطان

<>

ونواصل فى اللقاء القادم استكمال قصيدة الشهيد هاشم الرفاعى