رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الحب والكُره في عين الرائي، نحن لا نري الآخر حينما ننظر إليه نحن نري انعكاس عاطفتنا فيه» استوقفني عقلي للتفكير في هذه الجملة التي قرأتها علي موقع التواصل الاجتماعي، كيفية إصدارنا للأحكام والآراء في شخص او تصرف ؟! اكتشفت انه لا يوجد شيء سيئ مطلق أو شيء جيد مطلق، الموضوع نسبي بحت الصفة التي تراها سيئة لأنها في شخص ما عواطفك لا تميل اليه تراها الصفة التي تميز شخصا آخر تتقبله. 

نحن كبشر افكارنا معقدة ومركبة إلي حد كبير، كثيرا ما نسمع من اسلافنا جملة «الصح صح والغلط غلط» لكن حقا!؟ ما هو الصحيح و ما هو الخاطئ هل الصحيح صحيح لأنه يتفق مع معايير المجتمع ام لأنه يتفق مع معايير الدين أم لأنه يتفق مع مشاعرنا وحواسنا، وماذا إذا اعترضت هذه العوامل هل سيظل الصحيح صحيحا إذا تقبله الدين ورفضه المجتمع، أم إذا تقبله كلاهما ورفضته حواسنا هل سنصح الصحيح لأننا نريده، هل سنجتزئ من الدين ما يدعم أهدافنا، وكيف تم تشكيل الصحيح في الأصل، فلربما نجد أسرة ترفض فكرة معينة تماما وتتقبلها أسرة أخري بسعة صدر هل هذا لأن هذه الفكرة خاطئة أم لأن هذه الأسرة تربت علي معيار معين ابتكره رب الأسرة وزرعه في أبنائه حتي بدأوا يرون الصحيح والخاطئ من وجهة نظر شخص واحد دون إعمال للعقل والتفكير التي ميزنا الخالق به عن سائر المخلوقات، هل يجب في معايير اختيارانا وفي نظرتنا للحياة ان يتم سحبنا كالقطيع ؟!، ان التعصب الفكري يبدأ من الفرد لينتشر ويشمل أسرة كاملة تربت علي فكرة هذا الفرد وهو رب الأسرة لينتشر أكثر وتصبح فكرة مجتمع داخل دولة تبدأ الفكرة صغيرة ثم تنتشر وتتفشي في المجتمع حتي تصبح جزءا لا يتجزأ منه ويصبح مجرد النقاش فيها جريمة وخروجا عن «الجماعة»، أليس هكذا تنشأ الجماعات المتطرفة التي لمسناها كتطرف سياسي مغطي بعباءة الدين نجني ثماره من الإرهاب؟! و لكن أليس التطرف الاجتماعي كارثة تهدد المجتمع ولا تقل وطأة عن التطرف السياسي الذي يرهب المجتمع!؟، ان الأساس في التطرف هو التعصب لأفكار محددة مهما كانت هذه الفكرة بسيطة وضحلة حتي لو كانت بسيطة لدرجة أن تميز كليات الطب والهندسة بمصطلح «كليات القمة» ونجد  تعصب الأهالي ورغبتهم في التحاق أبنائهم بها هل معني كلمة كليات القمة ان التجارة أو الحقوق كليات قاع!؟ هل يعني هذا ألا يخرج منهم جهابذة صنعوا لنا علم البورصة والاستثمار الذي هو أساس نجاح وتقدم أي دولة وهو الذي يضع ميزانية للعلم والتعلم؟ ألا يعني هذا ان يخرج من كلية الحقوق مستشارون وقضاة يسنون القوانين ويحققون العدالة ويقون البلد من شر الفوضي العارمة التي إذا وجدت لن يوجد تعليم أو كليات من الأساس، أليس هذا تعصبا وتطرفا يخلق الكثير من الحقد والانقسام في المجتمعات، هل تعلم أيها القارئ أن نجاح اقتصاد دولة ألمانيا عائد لخريجي التعليم الفني الذين يمثلون ٧٥٪‏، هذا التعليم الفني الذي تربي مجتمعنا علي احتقاره بسبب «عقدة» الثانوية العامة هو أساس صناعة حضارة واقتصاد في دول أخري أكثر تقدما ليس لديها هذا التعصب الجاهل؟. 

وعلي سبيل المثال، ألم يكن الشباب الذي تظاهر بفساد مؤسسة القضاء المصرية هو نفسه من يشيد بنزاهة وشموخ القضاء بعد الحكم في قضية جزيرتي تيران وصنافير؟ هل أصبح فاسدا لأنه دعم رئيسا تختلفون معه وهل أصبح شامخا لأنه لم يدعم نفس الرئيس؟ أليس هذا تعصبا لوجهة نظرك في شخص و ليس شموخا أو فسادا للقضاء المصري الذي لا يمكن ابدا التشكيك في نزاهته؟. 

«إن الحب والكُره في عين الرأي نحن لا نري الآخر حينما ننظر إليه، نحن نري انعكاس عاطفتنا فيه»، وتتشكل العاطفة عادة من الأفكار التي نشأنا عليها، لذا اذا كانت نشأة التطرف من الفكر، فإن الفكر هو العلاج الأمثل للتطرف، وبالتالي يجب علي كل فرد منا إعمال العقل والتفكير في شتي الأمور قبل التسليم بها، يجب علينا أن نثور علي أفكارنا التي لا سند لها، اقتلع التطرف من جذوره، اقتلعه من الفرد قبل أن يصبح جماعة.