رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

أحسب أن من بين المفاهيم الأساسية التي تم طرحها في مؤتمر «متحدون في مواجهة التطرف» الذي نظمته مكتبة الإسكندرية الأسبوع قبل الماضي ذلك الذي طرحه أحد الحاضرين ويتمثل في الاستثمار في الإرهاب، وكذا مفهوم تبيئة الإسلام الذي طرحه أحد المشاركين الصينيين من خلال النموذج الذي أشار إليه بشأن مساعي الصين لما وصفه بـ « صيننة» الإسلام.

وإذا كان المفهوم الأول يتطلب قدرا كبيرا من الجهد في محاولة لتأصيله وتحديد دوره في تنامي ظاهرة التطرف وتطورها بشكل يفسر تنامي عمليات الإرهاب، فإن المفهوم الثاني يتطلب التعامل معه بكل الجدة على أهميته، حيث يمثل سلاحا ذا حدين في ضوء كونه مفهوم حمال أوجه. ففي تفصيله لرؤيته أشار المشارك الصيني إلى ما تعانيه بلاده من «إرهاب» من قبل بعض الحركات الإسلامية هناك – أقلية اليوغور – وأنه في إطار التعامل مع هذا الوضع تسعى الصين إلى التوصل إلى نسخة صينية من الإسلام تتوافق مع القيم الصينية.

وبغض النظر عن حجم التشوه والتشويه في رؤية المشارك الصيني، والذي يماثل النظرة الإسرائيلية في النظر للمقاومة الفلسطينية، الأمر الذي لم يشأ مدير الجلسة الدكتور مصطفى الفقي تمريره دون إبداء هذه الملحوظة عليه، فإن هذه الرؤية لها جذورها التي لم تتبلور بشكل كامل في المنظور الإسلامي. وقد أشار مشارك آخر في هذا الصدد إلى أن الشافعي غير مسائل في مذهبه قال بها في العراق عندما ارتحل لمصر لاختلاف البيئة بين البلدين، في إشارة إلى تأثير البيئة الاجتماعية على الدين.

إن متابعة مسيرة انتشار الإسلام تؤكد على حقيقة أنه بقدر تأثيره في بيئات مختلفة فإنه تأثر بهذه البيئات. غير أن المشكلة في التوسع في مثل هذا التوجه قد تنتهي بنا إلى تفريغ الإسلام من مضمونه ومحتواه، فتبيئة الإسلام في الأمصار المختلفة أتت ببعض النتائج السلبية قد يمثل تطورها نتائج كارثية. فالمسلم في مصر مثلا يتعايش في إطار الالتزام بدينه مع الرشوة ولا يرى في ذلك تناقض مع الدين، بل قد يصل البعض إلى تقاضى رشوة في المسجد بعد صلاة جماعة. والمسلم في السودان لا يرى غضاضة في أن يتواكب التزامه بدينه مع شرب «العرقي» وهو مادة مسكرة يفترض انها محرمة. والمسلم اليمني قد يدخل المسجد للصلاة ليخرج بعدها مباشرة ويتعاطى القات، المادة التي هي أقرب إلى الحشيش. والمسلم الخليجي أضفى طابعا غير مقبولا على تدينه، والصورة النمطية عنه أنه لا يرى غضاضة خارج بلاده في القيام بممارسات جنسية تتنافي مع أبسط القواعد الأخلاقية وليس الدينية، ولا يشعر في نفسه بأي إخلال بقيمة الإسلام.

ولو اجتمعت مجموع هذه الخصال التي يتعايش معها مسلمون مختلفون في بلاد مختلفة في شخص واحد لاعتبرناه أبعد ما يكون عن الإسلام. ولحق لنا حينئذ أن نتساءل عن ماهية الإسلام؟ ويعزز هذا التساؤل ما ذهبت إليه مشاركة يمنية في معرض مسعاها للتأكيد على عدم إلزام الإسلام للمرأة بزي معين حتى ولو محتشم بالإشارة إلى أن تاريخ المرأة في اليمن أنها كانت تلبس زيا شفافا في مراحل الإسلام الأولى دون أن ينتقد ذلك رجال الدين ما يشير إلى أن العنت الذي تلقاه المرأة المسلمة الحديثة، حسب رؤيتها، في هذا الشأن ليس سوى وليد رؤى متطرفة دخيلة على الدين!

قد يكون العمل على تحقيق حالة من التوافق بين الإسلام والبيئة التي يوجد فيها مطلوبة وضرورية غير أن ذلك في تقديري يجب ألا ينطلق من المساس بما هو معلوم من الدين بالضرورة.. وإلا لأصبح الإسلام كما كتبنا من قبل، وكما ذهب أحدهم، مثل البحر تستطيع أن تصطاد منه أي الأسماك تشاء!

[email protected]