آفة الصحافة
وقع الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب " يوم الأربعاء الماضى قرارات حظر مؤقت على دخول رعايا سبع دول شرق أوسطية وأفريقية الى الولايات المتحدة الأمريكية وهي : سوريا ، العراق ، إيران ، ليبيا ، الصومال ، السودان ، واليمن ، وقد بدأت سفارات بلاده بالفعل فى وقف منح تأشيرات سفر للمواطنين المسلمين من هذه الدول ، وقد سبقت تلك القرارات أوامر لبناء جدار حدودي عازل مع المكسيك .
ووصف " ترامب " قراراته بانها مصيرية في تاريخ حماية الأمن القومي الأمريكى ، وشعبه من هجمات الجهاديين وانها تأتى فى اطار اجراءات عديدة أخرى لم يعلن عنها بعد .
من الناحية القانونية الرئيس الأمريكى له صلاحية كاملة فى اتخاذ مثل هذه الإجراءات ، وهو كان قد اعلن عنها أثناء حملته الانتخابية ، وقال آنذاك انه لن يفرض " قيود على أساس دينى " لكنه فعل حيث ان قرارته الأخيرة حددت المسلمين ، أما من الجانب السياسي ستكون لها تبعات سيئة على سُمعة بلاده ، وأضرارها أكثر من منافعها .
ولقد بدأت بالفعل مؤشرات فعلية لأضرار حيث قام رجُل أمريكى بالإعتداء على موظفة مُسلمة مُحجبة تعمل في مطار جي إف كينيدي بمدينة نيويورك ، وركلها وسبها وقال لها : " ترامب حاضر الأن وسيتخلص منكم جميعا واستمر بلغة تهديد يقول : سترون بأم عيونكم ما سيحدث لكم ". وقام المُعتدى الأمريكى بأداء حركات للسخرية من صلاة المسلمين ، وهى بداية حقيقية للمد العنصري المعادي للاجانب عامة واستهداف المسلمين خاصة .
وقد وصف عميد معهد ديفس للقانون في جامعة كاليفورنيا " كيفن جونسون ، قرارات " ترامب " انها تحاكي مرحلة الحرب الباردة .
فى ذات الوقت اتهمت وزارة الخارجية الامريكية فى تقريرها السنوى مصر ضمن عدد 12 دولة توفر ملاذا آمنة للارهابيين .
الرئيس " دونالد ترامب " يستهدف المسلمين من 7 دول بحظر دخولهم الى أمريكا حماية لأمن بلاده وله كامل الصلاحيه فى ذلك ، لكنه يواجه مشكلة أكبر بكثير من مخاوف دخول جهاديين لأمريكا ، وهى وجود حوالى 11 مليون لاجئ قانوني في الولايات المتحدة أعلن عن رغبته فى ترحيلهم خارج البلاد . . فكيف سيفعل ذلك ؟ . . وهل يستطيع تنفيذ هذا الأمر ؟ . . ومن أين سيوفر تمويلات مالية فى الوقت الذى قطع فيه وعد على نفسه ببناء جدار عازل على الحدود المكسيكية ، وعملية البناة تقدر تكلفتها الأولية بـ 10 مليار دولار .
الأمر الأشد خطورة هو ان " ترامب " بقراراته السياسية الراديكالية تجاه المسلمين يشجع قوى اليمين السياسى المتطرف فى أوروبا على مزيد من كراهية المسلمين ، وتجدر الاشارة الى ان حالة الإستياء والتمييز الغربي تجاه الإسلام والمسلمين اتخذت أنماطًا وأساليبًا مُختلفة في السنوات الأخيرة .
فعلى سبيل المثال نذكر الحظر الذي فرضته سويسرا على بناء المآذن، والقيود المفروضة على الحجاب والنقاب فى عدد من البلاد الأوروبية ، وبعضها يمنع المدرسات من ارتداء الحجاب أثناء العمل . يأتى ذلك فى الوقت الذى أصبح فيه تحريض بعض من وسائل الإعلام الغربي ضد الاسلام والمسلمين نمط سائد .
تقول " د. زابينا شيفر " مديرة معهد المسئولية الإعلامية في نورنبرغ بألمانيا أن مواصلة الإعلام الغربي طوال العقود الأخيرة على تقديم صور سلبية للإسلام جعلته مرادفًا للعنف والتخلف والاضطهاد ، وقد أسهم ذلك في تأجيج الكراهية المُجتمعية للرموز الإسلامية وفي مقدمتها الحجاب ، مُشيرة إلى أن النواة التي بذرها دُعاة التحريض ضد الإسلام ومن يدعمونهم في الوسائل الإعلامية الرئيسية قد أثمرت حصادا مريراً " .
ياسيادة الرئيس ترامب لك الحق فى حماية بلادك ولا نتدخل فى ذلك ، ولكن قراراتك السياسية على أساس دينى وعرقى تتنافى مع مواثيق حقوق الانسان ، انت رئيس حقاً مُثير للجدل ولكن الى أجل .