عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محطات

التاريخ ينتصر للعظماء، ويسقط من أوراقه أسماء من يحاولون الانتقاص من قدرهم، لأن إنجازاتهم عظيمة، ومن هذه الإنجازات اكتسبوا عظمتهم.

من هؤلاء العظماء نجيب محفوظ الذى نحت اسمه فى الصخر بالعمل المنتظم والكفاح المتواصل. أضاف صفحة إلى صفحة، وصارت رواياته ومجموعاته القصصية آلاف الصفحات، ملأها بكلمات من ذهب لا يصدأ مع مرور الأيام، وإنما يزداد بريقاً ولمعاناً. ترك «محفوظ» كنزاً ثميناً للأجيال المختلفة، يحوى شخصيات من لحم ودم، لأنه التقطها من المجتمع المصرى، وشوارعه ومقاهيه، فكتب لها الخلود، وانتقلت إلى شاشة السينما.

«محفوظ» لا تمحوه بضع كلمات تحاول الانتقاص من شأنه، لأن الكتابات التى تتناول إبداعه لن تنقطع، ولن تخلو منها الكتب والصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية.

وقد كان الكاتب التونسى رشيد الزوادى موفقاً عندما كتب «نجيب محفوظ.. نهر يتدفق دائماً بالجديد»، وذلك عندما تناول «مقاهى نجيب محفوظ» فى العدد الأخير من مجلة «ذاكرة مصر» التى تصدر عن مكتبة الإسكندرية ويرأس تحريرها الدكتور خالد عزب.

عاش بنا «الزوادى» فى رحلة مع مقاهى أديبنا العظيم التى ترك بصماته عليها وكتب لها الخلود، وبدأت فى بواكير شبابه بمقاهى الحسين والجمالية والغورية. ومن أشهر المقاهى التى جمعت «محفوظ» بأصدقائه الأدباء: الأوبرا، وسفنكس، وريش، ولاباس، وكازينو قصر النيل، وركس، وعرابى، والفيشاوى، وسوق الحمزاوى، وسى عبده، وعلى بابا.

وبعد إصابته فى محاولة الاغتيال انتقل إلى مقاهى الفنادق الكبرى، ومنها: ميناهاوس، وشبرد، إضافة إلى سفينة فرح بوت. وفى مقهى عرابى تشكلت جماعة الحرافيش، والتى يقول عنها أحد أعضائها المخرج الراحل توفيق صالح: «هذه الجماعة تكونت نواتها فى الأربعينيات، واستمرت فيما بعد، وتغيرت من فترة لأخرى، حيث كان ينضم إليها أعضاء جدد أو يختفى بعض أعضائها، ولكن الجماعة نفسها ظلت ثابتة».

يتضمن العدد الجديد من «ذاكرة مصر» عدداً من الموضوعات الشائقة، ومنها: أسرار وكنوز الواحات البحرية، ومراسم افتتاح خط سكة حديد الأقصر - أسوان عام 1926، دور التدخين فى الحياة الاجتماعية فى مصر، نعوم شبيب رائد العمارة الحديثة فى مصر، مكتبة الأمير فاروق بأسيوط، تغذية الأطفال فى مصر القديمة، وقراءة فى كتاب: مصر من الإسكندر الأكبر إلى الفتح الإسلامى.

ومن موضوعات العدد «مصر فى ذاكرة العالم» للدكتور فكرى حسن، أستاذ كرسى بيترى للآثار بجامعة يونيفرستى كوليدج لندى وترجمة خلود سعيد.

يلقى المقال الضوء على شغف الباحثين بالحضارة المصرية منذ هيرودوت فى القرن الخامس قبل الميلاد، وصولاً إلى وقتنا الراهن. وقد طالب المؤلف علماء المصريات بأن «يسعوا» إلى مراجعة خططهم البحثية وتدريس مناهج تلقى الضوء على الحركات الاجتماعية والثقافية للحضارة المصرية، مع التركيز على فهم العمليات الاجتماعية التى تطورت بها مصر عدة مرات خلال تاريخها منذ مصر القديمة وحتى اليوم». وانتقد «حسن» المتاجرة بمصر القديمة والتركيز على مجموعة من الملوك والملكات «الخارقين للعادة» مثل توت عنخ آمون ورمسيس الثانى، وعدم الاهتمام بسكان مصر الحديثة، مشيراً إلى كارثة ترحيل سكان قرية القرنة، وتدمير جزء من تاريخ وثقافة المكان فى البر الغربى بالأقصر، والاقتصاد غير الرسمى للسكان المحليين الذين يعملون فى صناعة وبيع التذكارات السياحية.

حقاً، إن مصر غنية بأبنائها وبأرضها التى ساعدت على النبوغ والإبداع منذ المصريين القدماء وصولاً إلى العظيم نجيب محفوظ وما تلاه من مبدعين فى جميع المجالات.