رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 استقبلت أغلب الأوساط الاقتصادية والسياسية موافقة صندوق النقد الدولي على منح مصر قرض الـ 12 مليار دولار بفرحة عارمة، على اعتبار أنه شهادة ثقة كبرى في مسار الاقتصاد المصري، وأنه يدعم مشروعات التنمية التي تعقد الحكومة عليها آمالاً عريضة في تحريك عجلة الاقتصاد المصري، وتعويض ما فقدته مصر بسبب غياب أهم موارد النقد الأجنبي المتمثلة في السياحة .

 إلا أن وصول الدفعة الأولى من قيمة القرض التي حصلت عليها مصر الشهر الماضي، أثار حالة غير متوقعة من الجدل بسبب ما أثير من توجيهها بالكامل لسد عجز الميزانية والنقص الملحوظ في العملات الأجنبية ، مما حدا بالبعض للتحذير من الآثار السلبية المترتبة على هذه الخطوة .

 وجاءت إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي شملت تعويم الجنيه المصري بعد تخفيض قيمته بنسبة اقتربت من النصف، إضافة إلى رفع أسعار الوقود وما استتبعه من اشتعال أسعار كافة السلع والخدمات، الأمر الذي ألقى بأعباء كبيرة على كاهل المواطنين . هذا بخلاف ما تردد عن وجود ترتيبات حكومية للاستغناء عن نحو مليوني موظف بالجهاز الإداري للدولة ، استجابة لشروط صندوق النقد الدولي لاستكمال صرف باقي الشرائح ، مما ألقى بظلاله القاتمة على كافة مناحي الحياة وأثار مخاوف عديدة من أن تستتبعه إجراءات أشد قسوة يدفع ثمنها المواطن البسيط.

 وإن كان هذا على صعيد تأثر الحياة اليومية للمواطنين .. فإن هناك جدل من نوع آخر أثاره حصول مصر على هذا القرض الذي يعتبر الأضخم في تاريخها ، ويتعلق هذا الجدل بمخالفة اتفاق صندوق النقد الدولي لنص المادة 127 من الدستور التي تنص على عرض الاتفاقيات الخاصة بالتمويل على البرلمان قبل الحصول عليها .

 وعلى هذا النحو أثارت المادة 127 من الدستور شكوكًا واسعة حول مدى دستورية قرض صندوق النقد الدولي، الذى حصلت عليه مصر مؤخرًا، بسبب الترتيب في الموافقات على القرض من الجانب المصري، أيهما يوافق أولا الحكومة أم البرلمان.

 وإذا كنا بصدد الحصول على الشريحة الثانية، ما هي الإجراءات التي ستتخذها الحكومة قبل الحصول عليها؟ . فليس بعيداً عن الذاكرة التجارب سيئة السمعة لقروض صندوق النقد الدولي في العديد من البلدان المتعثرة .. فالبرازيل في بداية الثمانينيات، اقترضت مليارات جديدة لسداد القروض القديمة، فقد سدّدت في أربع سنوات، 148 مليار دولار، أكثر من نصفها "فوائد قروض أجنبية".  وفي النهاية استسلمت لمقترحات "النقد الدولي"، فسرّحت ملايين العمال، وخفضت أجور الآخرين لعلاج التضخم المالي.

 وبالرغم من سداد البرازيل لقروضها بالكامل، إلا أنّ الآثار الجانبية لم تزل باقية، حيث ظلّ 20% من البرازيليين يمتلكون 80% من أصول الممتلكات، وفقًا لإحصاءات، و1% فقط يحصلون على نصف الدخل القومي، وهبط ملايين البرازيليين أسفل خط الفقر، حيث أصبح نصف الشعب يتقاضى أقل من 80 دولارًا شهريًا.

 وتعتبر حالة اليونان دليل آخر على الدور الخبيث للصندوق في هدم الدول النامية، فقبل دخول الاتحاد الأوروبي، كانت اليونان بلا استثمارات أو شركات أو سيولة مالية .. ومع دخولها الاتحاد الأوروبي رغم اقتصادها الهش، كان على الجميع أن يقدم خدماته لإنقاذها، فدفعت أوامر عليا منظمات التمويل الأجنبي لإقراض الحكومة اليونانية بصورة كبيرة، تبعها فرض سياسة التقشف وارتفاع أسعار البترول، فتضاعفت أسعار جميع السلع وانخفض الوضع المعيشي للسكان حتي وصلت نسبة البطالة إلى 27%، وارتفعت نسبة الديون إلى 175% عام 2015 .

كل هذا وغيره يعطي إشارات تستوجب الحذر إزاء حالة قرض صندوق النقد الدولي لأنه وبكل تأكيد لن يُعطي مجاناً وبدون إملاءات .. وبكل صراحة الشعب لا يحتمل المزيد .. وربنا يستر .

[email protected]