عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

سنوات كثيرة مرت على هذا الحدث، ولكنه يبقى دائماً حياً فى الذاكرة رغم تقادم العهد، وربما كان مرد ذلك إلى فرادته حيث يندر أو ربما يتعذر أن يتكرر فى حياة الإنسان موقف مماثل، أو إلى فجاجته التى انطوت على انحطاط أخلاقى تام. فضلاً عن أنه فاجأنى تماماً دون سابق إنذار. ما حدث باختصار هو أنه عند عودتى من إعارة خارجية إلى هيئة الإذاعة والتليفزيون اليابانية NHK استمرت ثلاث سنوات فى أوائل السبعينات التقيت بأحد الزملاء الإذاعيين وكان قد نقل فى إحدى مذابح الإعلاميين إلى رقابة البريد. وبعد تبادل التحية الحارة والأشواق فوجئت بهذا الزميل وهو يخبرنى أنه كان دائم الاطمئنان على وعلى أحوالى من خلال متابعته وقراءته لخطاباتى التى أبعث بها إلى الأهل والأصدقاء، وأنه كان حريصاً على ذلك طوال الوقت، وأنه كذا وكذا.. دارت بى الأرض وكدت أفقد الوعى من هول الصدمة، ولكنى تمالكت نفسى ودرت دورة كاملة وابتعدت عنه كلية حتى يومنا هذا. عرفت يومها معنى الخصوصية وأهمية احترام خصوصية الإنسان وأن انتهاك هذه الخصوصية جريمة مكتملة الأركان يستحق مرتكبها أقسى العقوبات.

ومع مضى الأيام شاهدنا كيف أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ريتشارد نيكسون فقد منصبه بسبب انكشاف فضيحة التجسس والتنصت على مقر الحزب الديمقراطى المنافس، وهى الفضيحة التى اشتهرت باسم فضيحة «ووترجيت» إشارة إلى المبنى الذى يضم الحزب الديمقراطى فى قلب العاصمة الأمريكية. وسواء جرى انتهاك الخصوصية على مستوى الفرد، أو الجماعة، فإن الجريمة واحدة، وهى تستحق المساءلة والعقاب طبقاً للقانون السائد فى البلاد. ويرتبط موضوع الخصوصية واحترامها بموضوع التسريبات الذى انتشر على مستوى واسع مؤخراً. وقد عرفت مصر أول تسريبات تتم على نطاق واسع لامتحانات الثانوية العامة فى الستينات من القرن الماضى. وكانت تلك التسريبات قد وصلت إلى إسرائيل التى تلقفتها وأذاعتها عبر الإذاعة الرسمية. وما زالت امتحانات الثانوية العامة هدفاً للتسريبات حتى العام الماضى، رغم كل الجهود التى تبذل لوقفها. وقد شهدت السنوات الأخيرة العديد من عمليات التجسس على الوثائق الرسمية للولايات المتحدة وتم تسريبها والكشف عنها مما أحرج العديد من زعماء العالم. وقد لمعت أسماء أسانج وسنودن من بين من أسهموا فى الكشف عن أسرار الدول. وقد تباينت الآراء فى الدور الذى قام به أسانج وسنودن فى التسريبات، إذ ينظر البعض إليهما على أنهما بطلان بينما يتهمهما البعض الآخر بالعمالة والجاسوسية.

وإلى جانب تسريبات الثانوية العامة، انتشرت فى مصر مؤخراً تسريبات لمكالمات شخصية جرت بين شخصيات عامة بهدف النيل من هذه الشخصيات وفضح مواقفها التى تضمرها سراً وتتناقض مع ما تظهره فى العلن. ومهما كانت دوافع القائمين على التسريبات فإنه لا يوجد ما يبرر ارتكاب هذه الجريمة التى يعاقب عليها القانون بالسجن الوجوبى لمدة تصل إلى عام. إذ ينص القانون فى المادة ٣٠٩ على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وذلك بأن استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت فى مكان خاص أو عن طريق التليفون، فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجنى عليه. كما ينص الدستور فى مادته رقم ٥٧ على أنه للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التى يبينها القانون. قانون محترم ودستور رائع ينبغى أن يلتزم به الجميع وخاصة الإعلاميين.