عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ينتابنى إحساس أحياناً أن مصر تُدار بالمزاج وتُتخذ فيها القرارات بالمزاج وبالحظ وبالصدفة، بدون دراسة، بدون نقاش مجتمعى، بدون فهم، بدون وعى بتأثير تلك القرارات على الناس. المهم أنها تولد ثم تخرج للنور ويتلقفها الهتيفة وأصحاب الذمم البلاستيكية بالبشر والسرور والفرح وكأنها قرارات عنترية غير مسبوقة وإنجازات بطولية يحققها مسئولون من طراز خاص، كل همهم إسعاد الناس وإغراقهم فى الرغد والهناء والنعيم، رغم كون غالبيتها قرارات «إستروبية» أو قرارات «سمك لبن تمر هندى» تحدث ارتباكاً وفوضى وقلقاً وتوتراً وكل مفردات العشوائية وتثير علامات استفهام لا حصر لها على شاكلة: من هذا العبقرى الذى يصنع القرارات فى مصر؟ ومع من يتشاور؟ ولمصلحة من؟

الدليل على عشوائية تلك القرارات أن بعضها صدر ثم جُمد مثل قرار فرض الضرائب على البورصة والذى عُمِلَ به ثم أبطل، أما لماذا أُبطِل؟ فالمسئولون أعلم، بعض هذه القرارات صدر ليستفز المشاعر ويغيظ خلق الله كضريبة القيمة المضافة التى قيل فيها ما فى الخمر من كثرة حلاوتها وما يُعتقد لها من فائدة سوف تتحقق، لكن ما هى هذه الفائدة؟ المسئولون أعلم، بعضها صدر ليُخرج ما فى جيوب الناس ثم تحول إلى أثر بعد عين مثل كروت البنزين التى أنفق عليها ملايين الجنيهات واستخرجها الناس لتستوطن المجهول، لأنها موجودة بالفعل وغير موجودة فى الواقع.

بعضها صدر بالليل ثم فوجئ الناس به فى الصباح كقرار تعويم الجنيه ورفع الدعم عن المحروقات بنسبة تتراوح بين 30% و40%، بعضها يُجبِر المرء –كما يقول المثل الشعبى– على أن "يطلع من هدومه"، كما حدث فى رفع الضريبة الجمركية على حوالى 400 سلعة فى أوقات تئن فيها الناس من زيادات جمركية متتابعة أدت لرفع الأسعار بالنسبة لمعظم السلع المستوردة، بعضها يُحرض على التشكيك والتخوين الذى قد يُجبر الإنسان على أن يخبط رأسه فى أقرب حائط مثل صدور قرار إعفاء الدواجن المستوردة من الضرائب الجمركية ثم إلغاء القرار خلال أيام وعنده بالذات يجب أن نتوقف ونتأمل ونحلل خاصة أنه قد أثيرت حوله شبهات فساد وترددت بشأنه تكهنات وتخمينات تجعل أى عاقل يتساءل: لماذا صدر هذا القرار؟ ولماذا ألغى بهذه السرعة؟ هل دُرِس قبل صدوره؟ ومن درسه؟ وإذا كان قد دُرِس فما سر كل هذا الغضب الذى أثاره القرار من جانب أهل الصناعة من أصحاب المزارع واتحاد صناعة الدواجن والغرفة التجارية؟ وإذا لم يُدرَس فلماذا يصدر؟

هناك أمور كثيرة جعلتنا ننظر بريبة لهذا القرار لعل أهمها:

أولاً: صدور هذا القرار بأثر رجعى على عكس الطبيعى والمألوف وهو ما أعطى الفرصة للطعن فى نزاهته ومصداقيته، ثانياً: قيل إن الهدف من القرار هو تقليل الفجوة بين المتاح والمطلوب وكسر احتكار كبار تجار الدواجن وهذا مبرر غير مقبول، لأن استيراد الدواجن سيكون بالدولار والمبالغ التى ستُعفى منها ستكون 400 مليون جنيه كان يمكن استغلالها فى التطوير والتحديث والهيكلة، ثالثاً: كان يمكن بدلاً من عملية الإعفاء هذه تشجيع صناعة الدواجن العمود الفقرى لتوفير احتياجات المصريين من اللحوم البيضاء. رابعاً وخامساً وسادساً وعاشراً لا يصح أن تُدار مصر صاحبة التاريخ العريق والجغرافية المتفردة بالصدفة وبالحظ، لا يصح أن تصدر بشأنها القرارات بكل هذه العشوائية والسذاجة وقلة العلم.