رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة حب

خرج رئيس الوزراء الإيطالى مانيو رينزى على شعبه منذ أيام بخطاب تاريخى أعلن فيه استقالته من منصبه.. قال رئيس الوزراء فى الخطاب الذى نقله التليفزيون الإيطالى على الهواء مباشرة.. لقد تحدث الشعب الإيطالى بشكل واضح لا شك فيه ومهمتى كرئيس للوزراء تنتهى هنا.. وأتحمل مسئولية نتائج الاستفتاء كاملة.

فهم رئيس الوزراء رسالة شعبه والتى جاءت عبر صناديق الاقتراع.. واستجاب لتلك الرسالة وكتب لنفسه صفحة بيضاء فى سجل القادة والرؤساء.

تولى رينزى رئاسة وزراء إيطاليا فى بداية عام 2014 أى منذ ما يقرب من 3 سنوات وكان عمره وقتها 39 عاماً وكان أصغر رئيس وزراء فى تاريخ إيطاليا، واكتسب خبرة كبيرة فى العمل السياسى وإدارة شئون الدولة من كونه رئيسا لمقاطعة فلورنسا فى فترة سابقة.

منذ عدة أشهر ظهرت فى الأفق بوادر أزمة اقتصادية فى إيطاليا تحرك على اثرها رئيس الوزراء ووضع خطة عاجلة تقوم على إعادة النظر فى منظومة الحكم فى البلاد وكذلك السلطات الممنوحة لبعض المؤسسات.

قرر رينزى طرح الإصلاحات فى استفتاء شعبى وتعهد بالاستقالة فى حالة رفضها من قبل الشعب. وأثارت التعديلات لغطاً كبيراً خاصة فيما يتعلق بالإصلاح الدستورى الذى يتضمن تقليص اختصاصات مجلس الشيوخ.

خرج الشعب بكثافه ووصلت نسبة التصويت 65% وهى نسبة حضور غير مسبوقة.. وكانت الرسالة واضحة لا للتعديلات حيث وصلت نسبة الرافضين إلى 59%.. هنا احترم رئيس الوزراء نفسه واحترم شعبه وقرر أن يتنحي.. لم يكن التنحى تمثيلية وهو المفهوم السائد عندنا فى دول العالم الثالث وتجسد فى تمثيلية التنحى التى أخرجها الرئيس عبدالناصر فى أعقاب هزيمة يونية.. ولكن الرجل تنحى بالمفهوم الحقيقى حيث وجه خطاباً إلى شعبه أعلن فيه احترامه لنتيجة الاستفتاء وأعلن استقالته وأعقب ذلك باجتماع لمجلس الوزراء قدم فيه الشكر لأعضاء حكومته.. ثم تقدم بخطاب الاستقالة مكتوبا إلى الرئيس الإيطالى سيرجيو ماتاريلا.

كان بإمكان رئيس الوزراء الإيطالى أن يستمر فى الحكم لأن الاستفتاء لم يكن على شخصه وإنما كان على تعديلات تقدم بها.. ولكن الرجل فعل ما فعله الزعيم شارل ديجول مؤسس فرنسا الحديثة عندما طرح تعديلات على الشعب الفرنسى فى استفتاء عام وتعهد بالاستقالة فى حالة رفضها.. واستقال الرجل بكل شموخ بعد أن قال الشعب الفرنسى كلمته..  ورحل عن الدنيا بعدها بعام.. ولكنه ظل باقيا فى ذاكرة التاريخ.

إنهم قادة احترموا أنفسهم واحترموا شعوبهم.. أما نحن فرئيس الوزراء عندنا يعلم يقينا أن الشعب يرفضه ويرفض سياساته الفاشلة ويكتوى بنيران قراراته العشوائية وأن هذا الرفض يزيد على 80% إن لم يكن أكثر لأن الفئات المستفيدة والتى لا تعانى لا تتعدى 10%  ورغم ذلك فالرجل باق غير عابئ بما يحدث وكأن الأمر لا يعنيه وسيتوجه إلى البرلمان خلال أيام ليلقى بيان الحكومة الدورى وكأن شيئا لم يكن.. هذا هو الفارق بيننا وبينهم فأين نحن منهم؟