يقول المثل الشعبي «الحلو ما يكملش» وهو يُعبر عن عدم اكتمال عناصر النجاح أو الجمال أو الادارة الصحيحة لعمل ما يقوم به الإنسان غير المعصوم من الخطأ أو النقصان ، فالكمال طبعاً لله وحده .
وقفت بظهرها المُنحنى تلحفها حرارة الشمس . . وما أدراك بصيف هذا العام . . وضعت كيسا من الورق على رأسها لحمايته . . تتقدم خطوة للأمام وسرعان ما تتراجع خطوات أخرى للخلف ، هرباً وخوفاً من السيارات التى تتحرك بعشوائية خطيرة ، والأصوات المُزعجة التى هى خليط بين نداءات الباعة وسائقى الميكروباص . . صادرت منها الأيام مُعظم نور بصرها . . ولم يتبق لديها إلا القليل من القُدرة على النظر . . بصوت مُتحشرج يتخلله بين الحين والآخر كُحة تُعطل قدرتها على استكمال سؤالها عن وجهة الأتوبيس ، ولا يوجد من الناس الواقفين وسط الميدان وعلى محطة الأتوبيس «إلا من رحم ربى» من لديه الوقت ورُبما الصبر ليستمع للسيدة العجوز ، ومن يسعفه الوقت أو وخزة ضمير لا ينصت لسؤالها كاملاً ، لأنه يجرى مُسرعاً كى يلحق بالأتوبيس حيث ان السائق لا ينتظر أحدا، أما من يُجيبها فينطق نمرة سيارة مكونة من أربعة أرقام ، من الصعب على الانسان العادى حفظ الرقم اللى بالآلاف ، فما بالك بعجوز تسمع بصعوبة وترى بصعوبة أكثر ، وبدون أدنى شك لن تستطيع حفظ رقم الحافلة ، التى من المُفترض ان تقلها لوجهتها ، ناهيك عن عدم وجود أماكن آدمية لكبار السن تحميهم من أخطار ذلك الميدان العشوائى وسط القاهرة .
هذا هو مشهد تابعته وانا أقف مُنتظر صديق مُغترب قدم من هولندا فى زيارة لأرض الوطن بعد ثمانى سنوات ، وعلى الرغم انه ابن بلد من حى عابدين العريق ، الا ان المُتغيرات التى طرأت على المبانى وبناء الكبارى والأنفاق دون مُعاصرته لها أفقدته القدرة على التعرف على الأماكن بسهولة .
هذه صورة حية لبعض من مشاهد ميدان السيدة عائشة . . الف وستة وتسعين 1096 نطقها احد أولاد الحلال ، لكن السيدة العجوز لم تتمكن من سماع الرقم جيداً ولا حفظه طبعاً . . تقدمت اليها وفعلت ما أملاه على ضميرى . . الى هنا وانتهت مُشكلتها مؤقتاً ، لكن بالطبع هى مُتكررة مع عشرات وربما الآلاف آخرين وأخريات من كبار السن وأصحاب ظروف لا تمكنهم من حفظ أرقام الآلافات ، ولا أعرف من الذى تفتق ذهنه من السادة المسئولين فى هيئة النقل العام على ترقيم أتوبيسات النقل العام على هذا النحو .
وحتى تتخيلوا معى صعوبة الأمر أذكر لكم بعض من أرقام الأوتوبيسات مثل 1097 – 1099 – 1100 1101- وهكذا حدث ولا حرج ، وبالطبع لا ننكر ان هذه الأتوبيسات ساهمت في إنشاء خطوط جديدة لربط المُدن الجديدة بالقاهرة ، وتسيير خطوط بالشيخ زايد والتجمع الخامس والشروق ومدينة بدر.
رسالة إنسانية لكل من السيد اللواء رزق أبو على، رئيس هيئة النقل العام والدكتور جلال السعيد محافظ القاهرة : نرجو من سيادتكم التيسير على المواطنين الغلابة وتغيير أرقام الأوتوبيسات الى نمر سهلة الحفظ ، أو علامات مُميزة لكبار السن ، أو حتى ألوان ، ونحن على ثقة ان لديكم من الخبرات والكفاءات ما يسمح بتدارك هذا الأمر حرصاً منكم على تقديم الخدمات بشكل يؤدى الغرض منها دون صعوبات.