رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

لسان الأرقام والإحصاءات ينطق بأن إلغاء عقوبة الموت

«أقوم وأهدى سبيلاً»

 

حتى لا نتوه فى خضم حسابات وإحصاءات تمخضت عنه تقارير هيئة الأمم المتحدة، والذى يريد الإحصاءات والأرقام بالنسبة لكل الدول، عليه أن يراجع تقرير هيئة الأمم المتحدة آنف الإشارة إليه، وأيضاً دراستنا الوثائقية الذى ضمناه مؤلفنا -المشار إليه- عن «فلسفة عقوبة الإعدام أو العقوبة العظمى بين النظرية والتطبيق».

كل ما نبغى إيضاحه والتعليق على ما قدم من إحصاءات الإشارة إلى الدول التى ألغت عقوبة الإعدام أنه «لم ينجم عن الإلغاء تكاثر فى الجريمة أو عنف من جانب المجرمين، بل النتيجة جاءت طبقاً لمنطق الإحصاءات الأكيد والسديد مخالفة لذلك تماماً، حيث نقصت هذه النسبة فى كافة الدول التى ألغت هذه العقوبة إلغاء جزئياً «بالنسبة لبعض الجرائم» أو كلياً «بالنسبة للجرائم والمجرمين كافة».

هذه النتيجة تهدم بحجتها الدامغة حجة أنصار الإبقاء، إذ لم تتحقق نبوءتهم التى رددوها دائماً: «إنه بعد إلغاء عقوبة الإعدام سيتقدم «السادة» المجرمون لارتكاب مزيد من الجرائم».

تعالوا إذن نقتطف بعض ما انتهى إليه أولو الأمر فى الدول التى حققت رغبات وطموحات الفكر الحر وصيحات الجماهير «الرأى العام» فى حتمية الإلغاء:

1- المثال الأول من بلجيكا:

فى تقرير حرره وزير العدل البلجيكى عام 1930 - وكانت عقوبة الإعدام لم تنفذ فى بلجيكا منذ عام 1863 (أى كان بمثابة إلغاء واقعى) جاء به:

«لقد توصلنا إلى أن أسمى طريقة تعلمنا كيف نحترم الحياة الإنسانية تتمثل فى رفضنا الكامل لكل ما يمس الحياة من أذى باسم القانون أى قتل النفس البشرية باسم نصوص قانون العقوبات».

وأكد هذا المعنى تقرير الحكومة البلجيكية حال الإجابة عن أسئلة المجلس الملكى، جاء به:

«إنه منذ أن امتنعنا عن تطبيق عقوبة الإعدام بالنسبة لجميع الجرائم الكبرى فلم نلاحظ أى تكاثر فى نسبة الإجرام، بل العكس فقد انخفضت النسبة بشكل فى منتهى الوضوح».

2- المثال الثانى من هولندا:

جاء بتقرير الحكومة الهولندية إلى «المجلس الملكى» أنه ثبت لها: «أنه على سبيل القطع واليقين فإنه بعد إلغاء العقوبة العظمى منذ عام 1970 لم ينجم عنها أى تكاثر أو عنف فى مسألة الجريمة».

3- المثال الثالث من النرويج:

بعد إلغاء العقوبة العظمى عام 1905 - وكانت قد ألغيت من حيث الواقع ابتداء من عام 1875 - جاء تقرير الحكومة النرويجية منصوصاً به:

«لقد تأكد لنا من واقع التجربة التى كللت بالنجاح العظيم أن إلغاء العقوبة العظمى لم يؤد إلى زيادة فى عدد الجناة».

4- المثال الرابع من السويد:

وكان الإلغاء الواقعى قد تم منذ عام 1910 وتأكد الإلغاء القانونى عام 1921، فقد تضمن تقرير الحكومة السويدية الآتى:

«إننا نستطيع أن نؤكد من واقع ما توصلنا إليه من نتائج وليدة التجربة ودقة التقارير بأن الدولة «ليست فى حاجة على الإطلاق لتطبيق عقوبة الإعدام ابتغاء حمايتها».

5- المثال الخامس من سويسرا:

وكان الإلغاء قد تم عام 1974، فقد جاء بتقرير الحكومة السويسرية - وكان معه البحث الدقيق الذى قدمه «جرافين» أستاذ القانون الجنائى بجامعة جنيف ومن القلائل الذين اهتموا بمعالجة مشكلة العقوبة العظمى - ثم أرفق به أيضاً بعض مقتطفات من أقوال ثلة من أعضاء مجلس النواب السويسرى عام 1928، يقول التقرير إذن:

«إن تجربتنا جد ناجحة، لقد اختفى منذ إلغاء العقوبة العظمى كثير من عتاة المجرمين وعصابات قطاع الطرق، حينما استتب الأمن فى البلاد نتيجة حفظه من جانب ما قامت به الحكومة من مجهودات، كما أن مستوى جرائم القتل أو باقى الجرائم كان أقل منه قبل الإلغاء - ويؤكد التقرير ثانية قوله وما جاء به: كل ذلك بفضل ما توصلنا إليه حينما أقدمنا على إلغاء عقوبة الإعدام».

ويواصل التقرير بيانه:

«هذه العقوبة العظمى التى قيل عنها فى برلماننا عام 1928 إنها بمثابة جريمة مشروعة من قبل الدولة، وأن أحداً لا يتصور أن تكون الدولة جلاداً، بل العكس إن واجبها الأساسى يتمثل فى القيام بدور التهذيب والإصلاح، وتعمل من جانبها بكل عزم وحزم للوقوف ضد الجريمة بجميع أشكالها، ومحاربة الشر ومنع تفاقمه بوسائل شتى ليست على كل حال من بينها وسيلة «القتل المشروع». إن عراقة الديمقراطية فى بلادنا تناشدنا بعدم تسليم المذنب فينا إلى «أيدى الجلادين».

وفى ضوء كل ما تقدم -ونحن نقارع الحجة بالحجة- أن التجارب الدولية ومنطق الإحصاءات قد قدمت برهاناً ساطعاً وحججاً دامغة تضم إلى باقى الحجج الواقعية والمذهبية من جانب أنصار إلغاء العقوبة العظمى -وهم أكثر عدداً وأقوى حجة- من هؤلاء التقليديين أنصار الإبقاء على هذه العقوبة.