رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بغض النظر عن المسار الذى ستتخذه قضية نقيب الصحفيين يحيى قلاش واثنين من أعضاء مجلس النقابة، فإن إصدار حكم بالحبس سنتين لثلاثتهم بتهمة إيواء مطلوبين للعدالة إنما يعبر فى جانب منه عن أزمة لا تتعلق بنقابة الصحفيين بقدر ما تتعلق بأداء النظام السياسى ككل فى مرحلة حرجة من تاريخ الوطن.

ولعل نظرة شاملة على مجمل ما حدث منذ الثلاثين من يونية تؤكد هذه الفكرة. لقد عاشت مصر فى تلك الفترة أجواء اعتبرها البعض إعادة تكرار لمشهد ثورة 25 يناير، وبدا أن هناك فرحة عارمة بخروج الإخوان من الحكم وهو ما كان مصدرا لآمال عديدة بأن تبدأ مصر رحلتها على طريق الاستقرار بعد إنهاء حالة الاستقطاب التى سيطرت على الساحة السياسية على مدى سنتين من عمر الثورة.

تجلى ذلك الوضع فى التأييد الجماهيرى الجارف للرئيس السيسى وهو ما جرى التعبير عنه من خلال مجموعة من المواقف، رغم بعض التحفظات على ذلك السلوك، كتبنا عنها فى حينها.

المهم أن الأرض بدت مهيأة لتجاوز أزماتنا وتحقيق ما تصور المصريون أنه هدف ثورتهم:  عيش، حرية، عدالة اجتماعية.

غير أن الأمور سارت فى منحى مغاير، وهو ما يكفى للتيقن منه تباين حالة التأييد الجماهيرى للنظام فيما بين ما بعد 30 يونية وما هو حاصل الآن. إن التنبيه إلى تلك المعضلة من الواجبات الوطنية المهمة إذا أردنا أن ننطلق إلى الأمام دون عقبات. لقد انقضت، أو كادت أن تنقضي، حالة الاصطفاف الوطني، التى كان يؤمل أن تسود وبدأ ما يمكن وصفه بموجة من التشرذم وانفراط عقد قوى 30 يونية، ما يمثل نموذجا عمليا لمقولة «الثورات تأكل أبناءها». وليس أدل على ذلك من العديد من التحولات التى يصعب رصدها فى هذه السطور ويمثل موقف نقيب الصحفيين يحيى قلاش وزميليه نموذجا لها حيث يعدون من طليعة 30 يونية والذين وقفوا بوضوح  فى مواجهة حكم الجماعة، إلا أن مآلهم النهائى يواجه احتمال السجن.

ليس من المبالغة الإشارة إلى أن هناك حالة تتزايد وتيرتها يوما بعد يوم على مستوى موقف النظام من الضيق بحرية الرأى، والعمل على التضييق عليها بشتى الطرق، بما قد يصل فى مرحلة من المراحل إلى خنق هذه الحرية. وإذا كان هذا التوجه يبدو مفهوما وقابلا للتبرير على مستوى ممارسيه، فإن الحالة العكسية التى أفرزها هذا التوجه - تطبيقا لقانون الطبيعة بأن لكل فعل رد فعل، تنذر بالخطر. حتى فترة غير قليلة مضت كنت أشعر بأن هناك نغمة واحدة تسود، على مستوى الخطاب السياسى العام، غير أن النظرة المتأنية الآن تكشف لك عن اتساع حجم الخصوم، وتزايد نبرتهم الزاعقة فى مواجهة النظام، بشكل يصل لدى البعض إلى الإمعان فى السخرية التى تتجاوز كل الأعراف.

إذا أضفنا إلى ذلك الحالة الاقتصادية والتى شهدت تردياً عاماً على مستويات عدة انعكس فى مجموعة الإجراءات الأخيرة التى ينوء بحملها المواطن العادي، رغم رؤية البعض لضروريتها، فإن ذلك يفاقم أزمة النظام، ويجعله رهين حالة غضب خصومه السياسيين والمواطن الذى كان يأمل فى طفرة تخفف من أعبائه لا تزيدها.

فى تقديرى ان النظام فى حاجة إلى اقتراب مغاير لمجموعة القضايا السياسية والاقتصادية التى يواجهها، وفى القلب من هذا الاقتراب تقع قضية الحرية، فهى ليست مرادفة للفوضى، وأن يتعامل القائمون على الأمر من منطلق أن الخصوم السياسيين ليسوا أعداء الوطن، وإنما ينبع سلوكهم فى مخالفتهم لمواقف النظام من رؤية مغايرة لإدارته وتحقيق نهضته. بدون ذلك فإنه قد يبدو أن النظام فى حاجة لإعادة النظر فى «بنيته» التى تعتبر مصدر أزمته!

[email protected]