رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

ليس أعذب من نغم رقيق فى ضجيج مُفلس، ولا أطيب من قصيدة شعر فى مُدن المِلح والأسمنت، ولا أجمل من رواية مُدهشة فى ركام من أدب الرُعب وحكايا الاحتقان السياسى والاستقطاب الحِزبى.

من هُنا يُمكن أن تحب رواية مكاوى سعيد الجديدة «أن تُحبك جيهان» البعيدة عن جدلية الصراعات السياسية والغائصة فى مُعضلات الحياة الاجتماعية المصرية بتناقضاتها وصخبها وتعقيداتها الجمة.

أن تقرأ نصاً أدبياً جميلاً فذلك شيء مُسعد، بغض النظر عن اتفاقك أو اختلافك مع بعض جزئيات ذلك النص. والرواية السياسية والبوليسية تنسحب مع التكرار المُدهش للأفكار والتتابع المُمل لكثير من الحبكات، وهو ما يمنح رواية اجتماعية جادة وجريئة مثل رواية مكاوى الأخيرة تميزاً وثقلاً وسط هذا الضجيج.

فى رواية « أن تحبك جيهان» استقراء حقيقة لجمال الشر، وروعة كثير من نماذج القُبح الضاربة حولنا. أبطال مكاوى سعيد ليسوا فدائيين ومُخلصين وشهداء وإنما شخصيات إنسانية ضعيفة تُخطئ وتفسد وتغوص فى ملذات الحياة. بين مُهندس انهزامى مُبتعد عن عذابات من حوله وضابط مُتجبر يستغل نفوذه فى تحقيق غاياته وسيدة ماجنة ترُش الغل والحقد وتفيض بالغطرسة والسادية تدور الرواية التى أتصور أن اسمها غريب إلى حد كبير.

لقد جذبتنى شخصية ريم مطر العابثة اللعوب التى تمثل نموذجا فذا للصدق الإنسانى بكل ما فيه من نور وظلام. وفى ظنى  فإن شخصية ريم مطر هى الأهم والأكثر لفتاً من شخصية جيهان، وهو ما يمنحنى الجرأة أن اعترض على عنوان الرواية. إن جيهان شخصية طبيعية وعادية، وهى مُجرد باحثة عن زوج مُناسب، عن رجل يعوضها رحيل زوجها الفنان، ونيس طيب مُحترم، لكنها لا تُقدم تضحيات فى سبيل ذلك الحُب.

واستطيع أن أقول ايضا ان شخصية الضابط المتسلط تعبير صادق عن ضباط الشرطة  الذين يعتبرون أنفسهم ممثلين  للحكومة ومُستحقين لكل المزايا نتيجة عملهم لكن غير المُعتاد أن يقدم الكاتب ذلك الضابط مسيحيا، وهو غير مُعتاد مع ضباط المباحث. فالشخصية المسيحية دائما ما تُقدم فى الأدب المصرى باعتبارها شخصية طيبة أو خاضعة أو مؤثرة السلامة.

ما لم يعجبنى فى الرواية ــ ليس من الناحية الفنية ــ كان اقحام احداث يناير فى العمل الفنى، إن الثورة بما فيها من صخب تكسر إيقاع الرواية الاجتماعى المتفرد، ولا أتصور أن ورود أحداث يناير فى الرواية يُقدم إفادة حقيقية للنص. فقصة الحب بدأت ومضت قبل الثورة. والإفلات من شخصية المرأة المُتسلطة تم قبل الثورة، وكل الأحداث المُهمة جرت قبلها.

تلك كانت قراءتى السريعة لرواية طويلة قوية مثلت حجراً مقذوفاً فى بحيرة راكدة لكاتب مبدع وعظيم هو مكاوى سعيد.

لذا فما أجمل أن يحبك مكاوى سعيد، لا أن تحبك جيهان، فمعنى حُبه للناس فهو أن ينزل يكتب، ويكتب، ويكتب.

والله أعلم.

 

[email protected]