رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذا الكتاب يبدو بالغ الأهمية لكل من يريد متابعة رصينة لمجريات الأمور فى الولايات المتحدة فيما بعد فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب فى الانتخابات الأمريكية على منافسته هيلارى كلينتون الأسبوع الماضى. والكتاب رغم أنه صدر فى طبعته الإنجليزية منذ نحو ست سنوات وصدرت طبعته العربية مؤخرًا عن المركز القومى للترجمة وترجمه أحمد محمود، فإنه يرصد بشكل دقيق التحديات أمام أى صانع قرار أمريكى مع تحديد الحلول المناسبة التى تمثل مرشدا من الصعب أن يحيد عنها بكثير فى انتهاجه لسياسة بلاده تجاه الخارج بغض النظر عن شخصية الجالس على كرسى الرئاسة فى البيت الأبيض.

الفكرة الرئيسية للكتاب تشير إلى تحول فى مفهوم ماهية الولايات المتحدة ذاتها من جمهورية إلى إمبراطورية دون أن تتعمد ذلك. ويعبر المؤلف عن تخوفه من أن تقضى قوة الولايات المتحدة التى يعكسها وضعها الإمبراطورى على الجمهورية ومن هنا يحاول أن يقدم رؤيته بشأن كيف ينبغى للولايات المتحدة أن تتصرف فى العالم وهى تمارس قوتها وتحافظ على الجمهورية فى الوقت ذاته. لا يترك المؤلف إقليما من أقاليم العالم إلا وتناوله وبعمق على مدى العشر سنوات المقبلة (العقد الثانى من الألفية الثانية) التى مر منها أكثر من نصفها.

والفكرة الرئيسية التى يؤكد عليها المؤلف ولا يمل من تكرارها على مدى صفحات الكتاب هى ضرورة أن تعود بلاده إلى سياسة الحفاظ على توازن القوى الإقليمى فى مختلف مناطق العالم. ويقدم سيناريوهات يصيبك تتبعها ومحاولة تأملها بدقة بحالة دوار يكشف لك عن حجم الصعوبات والأعباء التى تقع على عاتق أى راسم للسياسة الخارجية لبلاده.

المهم أن المؤلف وفيما يشكل ردا غير مباشر على ما تردد عن توجهات ترامب للانعزال ببلاده يشير إلى أن الوضع الفريد للولايات المتحدة يجعل خيار الانسحاب من تعقيدات إدارة القوة العالمية صعبًا، واصفًا إياه بأنه حنين إلى الماضى عندما كانت الولايات المتحدة تسعى إلى تحقيق مصالحها فى الداخل وتترك العالم يسير سيرته.

وفى عروج سريع على أبرز أفكار الكتاب فإن فريدمان يشير إلى أن الناتو مثلا لم يعد له معنى بالنسبة للولايات المتحدة خارج السياق الأوروبى وأنه لا يمكن اعتبار أوروبا أهم من أى جزء من العالم، أما عن الإرهاب فله رؤى مهمة قد نتناولها فى مقال قادم. وفيما يهمنا كعرب يقدم المؤلف رؤى تحوى قدرا من الزيف بشأن أصل الصراع مع إسرائيل غير أنه يشير على صعيد موقف بلاده إلى أنه ما دامت مصر باقية على توافقها مع إسرائيل فإن أمن إسرائيل القومى مضمون، ومن هنا فإنه يرى أن أفضل خيار للرئيس – وهو ما حدث مع أوباما وقد يحدث مع ترامب – هو تهميش الصراع باعتباره هما دون القيام بالفعل بأى شىء يدل على التغيير. ولا يمنعه ذلك من المطالبة بأن يقوم الرئيس بإرسال مبعوثين لوضع خرائط الطريق للسلام ولكن يجب ألا تكون لديه طموحات لتحقيق سلام.

ويبقى أن نشير إلى أن فريدمان لا ينطلق فى رؤاه من مبادئ أخلاقية وإنما براجماتية بحتة، حتى أن ميكافيللى وأقواله تحتل موضعًا كبيرًا فى صفحات الكتاب، وهو فى هذا الصدد يشير إلى أن الرئيس الجيد لا بد أن يكون قادرًا على الخداع وكذلك على تبرير الخيانة.

 الخلاصة إنه يجب ألا تكون لدينا أوهام بشأن ترامب أو غيره، فما يحرك القابع فى البيت الأبيض ليس ترحيبنا به أو نفورنا منه وإنما تصوره لمصالح بلاده والتى يحددها له كبار مخططى السياسة الأمريكية.. واعتقد أن جورج فريدمان من بينهم!

[email protected]