رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضربه قلم

كانت مصر من أوائل الدول النامية التي أدركت أهمية الطاقة النووية في حقبة الخمسينيات من القرن الماضي. وقامت بتوقيع أول اتفاق للتعاون النووى عام 1956 مع الاتحاد السوفيتي أعقبه صدور قرار من الرئيس عبد الناصر بإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية التي أصبحت فيما بعد هيئة الطاقة الذرية. وفي يناير عام 1963 تعاقدت مصر مع بيت الخبرة الانجليزى (كينيدى ودونكن) وتم اختيار موقع سيدى كرير لإقامة المفاعل النووى وتقدمت أربع شركات أمريكية وألمانية بعد طرح المناقصة وقبيل الحصول علي قرض البنك الدولي قامت حرب 67. وبعد الهزيمة بنحو شهر اقترحت الولايات المتحدة في أغسطس إنشاء عدد من المفاعلات لإزالة الملوحة في الشرق الأوسط ومواجهة النقص الشديد في المياه وأجريت الدراسات والأبحاث بمعمل أوكريدج القومي وأرسلت مصر اثنين من المهندسين العاملين يالطاقة النووية وشاركت إسرائيل بعدد من الخبراء وتوقف المشروع بسبب اعتراض إسرائيل. وبعد حرب أكتوبر أعلن الرئيس نيكسون خلال زيارته لمصر عام 74 تزويد مصر بمحطات نووية. ولكن الولايات المتحدة طلبت فجأه إعادة التفاوض وفرضت شروطاً إضافية من أهمها منحها حق التفتيش علي المنشآت النووية المصرية وهو ما رفضته مصر فضلاً عن اعتراض الدكتور فؤاد حلمي محافظ الإسكندرية ـ آنذاك ـ (شقيق المرحوم الدكتور مصطفي كمال حلمي رئيس مجلس الشورى) علي إنشاء المحطة النووية واستدعاه الرئيس السادات وناقشه في أسباب اعتراضه فأكد المحافظ ان مصر لم تصل بعد للمستوى الفني الذى يؤهلها لإدارة محطة نووية وان أى خطأ أو إهمال يمكن أن يؤدى إلي كارثة فقال له السادات: ابعدها شوية عن الإسكندرية فرد عليه المحافظ قائلا: هنوديها فين ياريس الضرر والخطر قائم في أى مكان وأنا كأستاذ في الجامعة أرفض إقامة هذه المحطات ومن واجبي التحذير من خطورتها فقام السادات بعزل المحافظ الذى توفي بعد ذلك بفترة قليلة. وفي عهد الرئيس مبارك قرر المجلس الأعلي للطاقة إنشاء محطتين في منطقة الضبعة وتوفير التمويل المحلي من خلال استقطاع جزء من فائض عائدات البترول وتم طرح المشروع في مناقصة عالمية بين الشركات المتخصصة في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وكانت هذه هي المحاولة الأخيرة حيث تقدم النائب الوفدى المرحوم علوى حافظ باستجواب للحكومة رفض فيه إنشاء المفاعلات النووية ويروى علوى حافظ أن أحد الوزراء السابقين اتصل به ودعاه لتناول العشاء للتحدث معه في بعض الأمور. وفي اللقاء لم يضع الوزير السابق وقتاً ودخل في الموضوع مباشرة وبصراحة أقرب إلي الفجر حيث قال: ياعلوى العملية منتهية من أيام السادات وقبل الراجل ما يموت تم التوقيع بالأحرف الأولي واعتبرناه منتهياً. وبعد جدال دام وقتا بين الطرفين قال الوزير: اسمع ياعلوى  أنا زهقت وباقولك بصراحة إن الشخصيات اللي وراء الموضوع ده لن تقف مكتوفة الأيدى والمشروع هايتم رغماً عنك وعن الجميع ويمكن يفكروا في تصفيتك لأنهم أخدوا عمولة 100 مليون جنيه يلزمك كام من المبلغ ده عشان تيجي يوم الاستجواب تتراجع وتؤكد للمجلس أن وصلتك مراجع علمية وأبحاث جديدة ـ سأعطيها لك ـ توضح تأمين المفاعلات وبعدين تسحب الاستجواب. ثم عرض علي نائب الدرب الأحمر مبلغ مليوني جنيه منهما مليون جنيه تدفع فور الخروج من الجلسة والمليون المتبقي يودع في حساب النائب بأى بنك. وطبعاً سايره النائب الوفدى علوى حافظ حتي جاء يوم الاستجواب وألمح فيه من بعيد لمافيا الفساد من كبار المسئولين الذين يقفون وراء المشروع. عقب الاستجواب استدعي الرئيس مبارك المهندس ماهر أباظة وزير الكهرباء والطاقة وأمره بإيقاف المشروع وأهملت الحكومات المتتالية الكوادر العلمية والفنية ورفضت تعيينهم  حتي هاجر معظمهم الي الخارج.. ستون عاماً مرت علي البرنامج النووى المصرى ونحن تائهون بين مؤامرات الأمريكان ومافيا الفساد في الوقت الذى تمكنت فيه الهند التي تزامن برنامجها مع المشروع المصرى من إجراء أول تفجير نووى عام 1974. ان اهتمام الرئيس السيسي بإقامة مفاعلات الضبعة يعكس رؤيته للمستقبل ووعيه بموازين القوى بالمنطقة وزيارته لروسيا تكشف عن إصراره لامتلاك مصر قدرات نووية تحقق قوة الردع وتعدل الحال المايل في المنطقة.

[email protected]