رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكلمخانة

 

 

تحب الإدارة الأمريكية التأكيد علي انها معنية بالشئون الداخلية لسائر دول العالم، خاصة تلك التي تقع في المناطق التي تعتبرها أمريكا نقاط ارتكاز ونفوذ لما تراه مصالحها التي تستأثر بها دون غيرها!، وتغلف أمريكا دائماً هذا الموقف الأناني لها بغطاء من شعارات «المصالح المشتركة» و«التعاون المشترك» و«العمل معاً»!، في حين نراها تضن بما يمكنها تقديمه للآخرين!، وتفضل أن تحتفظ لنفسها بسياسة الكيل بمكيالين تجاه الدول التي تدعي صداقتها لها، تجيز لمن تشاء، وتلفق الاتفاق بين المتناقضات، وتعرف كيف تذعن عند الاطرار!، وتثبت عندما يلوح لها إمكان ذلك!، وقد طالعت بانتباه شديد تصريحات «كانداس بوتنام» مسئولة ملف مصر بالخارجية الأمريكية مؤخراً، عندما تحدثت إلي جمع من المصريين ذهب إلي واشنطن في بعثة «طرق الأبواب» التي رافقها وفد صحفي مصري بتنظيم غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة، حيث جرت محادثات حول إنشاء منطقة للتجارة الحرة بين مصر وأمريكا، وقد ذكرت مسئولة ملف مصر في الخارجية الأمريكية أمام الصحفيين «ان إقامة منطقة تجارية حرة عملية معقدة، وتحتاج أن يسبقها كثير من الأمور مثل أن تتشارك مصر والولايات المتحدة الأمريكية في اجراءات تسبق إقامة المنطقة التجارية الحرة مثل تحسين أسواق العمل واتخاذ اجراءات بيئية قوية ودعم اجراءات حماية حقوق الملكية الفكرية، وغير ذلك مما يعزز العلاقة بين الدولتين»، ومفهوم طبعاً من هذا أن علي مصر أن تقوم بذلك، علي أن يكون هذا بالتشاور بين الدولتين، وهذا يفهم ضمناً دون أن تقوله المسئولة!، والمشاركة بين الدولتين في الاهتمام «بالأمن والاقتصاد والقيم وتوفير الحرية والكرامة لكل المواطنين».

عند هذا الحد مما صرحت به مسئولة ملف مصر في الخارجية الأمريكية لم يستوقفني غير العبارات المستخدمة وفرط أناقتها مثل «التشارك» و«الاهتمام المشترك»!، فهي تؤدي في مجمل الأمر إلي الإيحاء بأن علي مصر أن تدخل في شوط أو أشواط معقدة للغاية!، لكي يتسني لها التوصل إلي إنشاء منطقة التجارة الحرة المرجوة، وقد وصفت المسئولة ما تراه «ضمانات» مصرية مبدئية حتي يمكن السير قدماً في إنشاء هذه المنطقة، ولا يخفي علي أحد أن هذه الضمانات المطلوبة من الجانب الأمريكي هي في صميم شئون مصر الداخلية!، التي لا تعرف المشاركة الأمريكية ولا غير الأمريكية، حيث هي غير مقبولة أصلاً من أحد!

ثم تأتي المفاجأة الكبري التي ألقت بها مسئولة الملف المصري في الخارجية الأمريكية عندما أكدت أن «الولايات المتحدة الأمريكية لا تدعم الإخوان المسلمين كما يظن كثير من الناس في مصر»!، ثم أضافت «ان أمريكا تتعامل مع الحكومة المصرية ومع الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي، وستستمر في ذلك!، فقد بدا لي من أول وهلة أن المسئولة الأمريكية هي الوحيدة التي لا تعرف أن بلادها قدمت الدعم الكامل لجماعة الإخوان الإرهابية!، ولا تعرف المسئولة- أو هي تعرف ولا تحب أن تعود إلي هذا الماضي» أن أمريكا راهنت  الرهان الخاطئ علي امكانية أن تفلح جماعة الإخوان الإرهابية في السيطرة علي مصر باختطافها  وحكمها بمعرفة الجماعة باتفاق بينها وبين الأمريكيين علي تحقيق أهداف السياسة الأمريكية التي كان مخططاً لها أن تنجح!، واستمر الرهان الأمريكي علي قدرات الجماعة لفترة طالت حتي بعد السقوط المدوي للجماعة وحكمها وزوال نظامها بثورة شعبية عارمة ساندها جيش البلاد!، وفي سبيل ذلك التمادي الأمريكي في الرهان الخاسر ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تراوغ وتناور، وتروج لأفكار وهمية من قبيل «عودة الشرعية» وإشاعة جو من عدم الثقة بالنظام المصري الجديد!، ولم تتراجع أمريكا عن مواقفها في موالاة الإخوان إلا بعد أن انتصر النظام المصري، وواصل مسيرته نحو الاستقرار، وهذه هي الحقيقة.