رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

نجحت الحملة الإعلامية فى محاصرة الفكرة الماكرة التى طرحها النائب «إلهامى عجينة» وطالب فيها وزير التعليم العالى، بإصدار قرار بتوقيع الكشف الطبى فى بداية كل عام دراسى على طالبات الجامعة لإثبات العذرية، كشرط لمواصلة الطالبة دراستها الجامعية، منعاً -فيما يظن- لظاهرة الزواج العرفى التى باتت منتشرة فى المجتمع. الفكرة طرحها النائب فى تصريحات صحفية ليختبر فيما يبدو مدى قبولها، فإن مرت، اتكل على الله، وعلى المناخ العام المحافظ، وعلى مساندة أقرانه من النواب السلفيين، ليذهب بها إلى سدة مجلس النواب مطالبا بتشريع لتقنينها، لولا التصدى الإعلامى العنيف لاقتراحه السفيه، الذى أجبره على التراجع والاعتذار، ولم يكن هناك ضرورة لا للتزيد فى المطالبة بإسقاط عضويته، ولا التزاحم للمطالبة بإحالته للجنة القيم بالبرلمان.

 المشكلة التى طرحها «عجينة» ليست فى تصريحه فقط، بل هى فى أن اقتراحه يكشف عن ضحالة المستوى الثقافى والقانونى والدستورى لبعض نواب البرلمان، الذين لم يكلفوا أنفسهم محاولة قراءة الدستور الذى ينيط بهم تحويل مواده إلى تشريعات، والذى يحدد ما الذى يجوز لهم أن يقترحوا تقنينه، وما لا يجوز. فالدستور الذى يعتبر التعليم حقا لكل مواطن، لم يضع لهذا الحق شروطاً، ناهيك عن أن تكون بين تلك الشروط، عذرية الطالبة، لكن مثل هؤلاء يملكون من الجهل، ما يدفعهم للاختباء وراء الأخلاق، بزعم الترويج للفضيلة، بعد أن اختزلوا مفهومها فى جسد المرأة!

اقتراح يعكس فقرا فى الثقافة والخيال وعجزاً عن التعمق فى فهم أسباب كثير من الظواهر الاجتماعية، لأن كشف العذرية، لن يمنع ظاهرة الزواج العرفى، التى هى فى كثير من جوانبها عرض لمرض لم يؤرق السيد النائب ليبحث له عن دواء، هو ظاهرة العنوسة التى تعانى منها معظم الأسر المصرية منذ سنوات، بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة، وأزمة السكن وزيادة نسب البطالة بين الشباب من الجنسين، وهو ما تحاول الدولة الآن البحث لحلول ممكنة للتغلب عليها.

وبدلاً من أن يجتهد النائب فى تقديم اقتراحات تيسر الزواج، وتساعد الدولة على القيام بواجبها للسعى لتقليل تلك الظاهرة، وما يترتب عليها من أضرار اجتماعية تتحملها فى الأغلب المرأة، استسهل هذا الاقتراح، الذى ينتمى لعقلية العوام، لا عقلية النواب الذين يفترض فيهم أن يتحملوا مسئولية التشريع للمجتمع والرقابة على السلطة التنفيذية.

الجانب الآخر من المشكلة يكمن فى هذا الترخص، والاندفاع إلى تحويل النواب إلى لجنة القيم، والمطالبة بتوقيع عقوبات عليهم، وتهديدهم بالفصل من العضوية، حتى بات مجلس النواب أقرب إلى مدرسة للتأديب والتهذيب والاصلاح، وأصبح يشكل ما يشبه الإرهاب للنواب الذين يتخذون مواقف معارضة للحكومة، فضلاً عما بات يشيع لدى الرأى العام من أنه يصطنع ضجيجاً حول مسائل تافهة. وفى الحالة التى نحن بصددها، كان يكفى الضجة الإعلامية والمجتمعية التى أثارها الاقتراح، التى كشفت النائب أمام ناخبيه، وألزمته بالتراجع والاعتذار عن هذه الخزعبلات التى يسميها أفكاراً يريد تحويلها إلى قوانين. أما أن يتقدم مائتا نائب هم ثلث نواب البرلمان لإحالة «عجينة» للجنة القيم، فتلك مبالغات، وأشياء لها العجب، لا تقل سخفا عن فكرة «عجينة» الخائبة.