عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا تزال إشكالية «البحث عن وطن بديل» أو «الهجرة»، تمثل هاجسًا مخيفًا لدى قطاع عريض من شبابنا، بعد أن ضاقت عليهم أرض الوطن بما رَحبت، بحثًا عن حياة كريمة وفرص عمل تبعدهم عن شبح البطالة والفقر، وتمكِّنهم من تحقيق طموحاتٍ تبدَّدت.

الأيام الأخيرة شهدت تناميَ تلك الظاهرة القديمة ـ المتجددة، التي تبعث على القلق، خصوصًا أن الكثير من الشباب لا يمل من تكرار محاولة الهجرة والبحث عن السفر، لأسباب يرونها كفيلة لتحقيق أحلامهم، بعدما ضرب اليأس بجذوره في نفوسهم، من تحقيقها في وطنهم.

هؤلاء الشباب سيطرت عليهم نوازع الرغبة والإلحاح في الهجرة، بعد صراع مرير مع أمواج عاتية من الإحباط، حتى استقر في نفوسهم يقينًا أنه لا أمل، أو طوق نجاة، إلا بالرحيل عن أرض الوطن، حتى لو كلفهم الأمر حياتهم!

الأمر خطير، ويحتاج إلى دراسة مجتمعية شاملة، وجهود حقيقية، لمواجهة هذه الأزمة المتجذرة، وعدم الاكتفاء بالوقوف متفرجين، حتى لا نُفاجَأ ذات صباح بتفريغ الوطن من شبابه، الذين يعيشون بالفعل واقعًا مريرًا وتهميشًا واضحًا.

لعل ما حدث، قبل أيام، قبالة سواحل مدينة رشيد على البحر المتوسط، يشكل وصمة عار، تتحمل فيه السلطات المصرية الجانب الأكبر من المسؤولية، بعد أن كرَّست المأساة تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

 إن فاجعة «رشيد» لن تكون الأخيرة، خصوصًا في ظل عدم إجراء الدولة مراجعة شاملة وجذرية لأسلوبها في مجالات التنمية، بعد أن أصبحت مصر بلدًا مُصدرًا للهجرة غير النظامية من شعبها، وليست معبرًا للشعوب الأخرى فحسب.

نتصور أنه لا توجد أي سياسة تنموية حقيقية، تزامنًا مع انعدام العدالة في توزيع الدخول، وتزايد نسبة القابعين تحت خط الفقر، وتآكل وانهيار الطبقة المتوسطة في المجتمع، بما ينذر بكارثة حقيقية وشيكة!

ما يثير الدهشة، أن هناك سعيًا دائمًا من المصريين للهجرة، بل إن منهم أطفالًا يعرِّضون أنفسهم للموت بمساعدة أسرهم، بسبب انسداد الأفق الاقتصادي أمامهم، وتفشي ظاهرة الفساد في البلاد!

قد يكون أصعب ما يواجهه الشباب خلال هذه المرحلة، هو الإحباط، الذي أصابهم بحالة من الشلل النفسي والاجتماعي والعائلي، ما جعلهم عنصرًا سلبيًّا في المجتمع، وعبئًا ثقيلًا على كاهل الدولة وعلى أسرهم أيضًا!

الشباب أصبحوا مغيَّبين في وضع خارطة مستقبلهم، ويشعرون بأن ما يقال عن احتلالهم الصدارة وتصدّرهم المشهد في كل خطط التنمية، ما هو إلا حبر على ورق، ولا أثر واضحًا على أرض الواقع، مما أسهم في فقدان المصداقية، إضافة إلى تكريس الفجوة بين الشباب والحكومات المتعاقبة خلال العقود الأخيرة.

إنها مأساة جيل بأكمله، أكثر من نصفه من العاطلين الذين يعيشون على هامش المجتمع، من دون مشاركة حقيقية في الإنتاج.. بلا أهداف أو آمال أو حتى أحلام، ما يستدعي أن تكون هناك حلول عملية وواقعية، بعيدًا من التنظير الذي يلقي بشبابنا إلى التهلكة!

[email protected]