عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

الحزن العارم ينثر جلاله على كل الأرجاء.. يبلل القلوب بالوجع.. يوشح النفوس المهزومة بلونه الكئيب.. الأرواح كسيرة.. مخنوقة بالصراخ.. والعيون مجللة بالعذاب.. ملونة بالدموع.. الوجع عميق.. والظهور محنية.. والسواعد مخضبة بالدم.. ما عاد فيها سوى طعم الانكسار.. ورائحة الموت تنتثر فى البر والبحر.. تخرج بنكهة اللحم البشرى المشوى على سطح صفيح ساخن، تسحق ما تبقى فى الروح من بقايا الإنسانية حيث الروح والوجع.. اختلط بحديث الألسن والعقول والأفكار والانتماءات والسياسات.. هذا فريق ملتاع موجوع على شهداء ابتلعهم البحر الغادر.. عقاباً لفرارهم من جفاف النهر المهاجر، وهذا فريق - بعضه محق يهمنا وأكثره منافق لا يعنينا - يعيد الأزمة إلى أصولها، ويكشف خطيئة المتاجرة بالأرواح البشرية، واستسلام الكثرة لفكرة البحث عن حياة جديدة فى أوروبا الغربية، ولو كان ثمنها الموت فى قلب البحار والمحيطات الهائجة دون أى ضوابط أو فرص للنجاة.. بل ولو كان ثمنها آلاف الجنيهات يدفعونها من قوت أهاليهم ومدخراتهم.. ولو أنهم أعملوا عقولهم لبدأوا بهذه الآلاف حياة جديدة وكتبوا فى الوطن وعلى ضفتى النيل قصة نجاحهم مبللة بالعرق لا بالدموع!

نحن أمام فريقين: فريق ينحى باللائمة على الشباب الحالم بالهجرة والتى يدفع ثمنها مرتين، مرة عندما يدفع آلاف الجنيهات ثمناً لرحلة موته، ومرة عندما يشارك بنفسه فى جريمة هجرة غير شرعية، فضلاً عن ركوب زورق يعرف أنه سيحمل المئات مع رفاقه، كتب على جنباته «زورق الموت» قبل أن ينطلق فى رحلته، ومع أنهم متأكدون من أن هذا الزورق سيمتلئ بما يفوق طاقته، ومن دون أن يكون هنالك أى فرص للنجاة والوصول بسلامة الله، فإنهم لا يتوانون عن ركوبه، متدثرين بآيات قرآنية وكأنها عاصمة من قدر تلقى الأنفس بالتهلكة إليه!، وفريق آخر يحمل الدولة المسئولية، كون الفقر هو السبب، الذى دفعهم إلى هذا المصير «إيه اللى رماك عالمُر؟»، أو البحث عن حياة أفضل من خلال العمل فى بلاد الفرنجة.. وينحون باللائمة على الحكومة بسبب أنها لم تنتبه لحل مشكلات هذا الشباب، فى التوظيف وإيجاد المسكن وتوفير الحياة الآدمية لهم ولأسرهم وأولادهم الذين يحلمون بخفقانهم فى الصدور، فتركتهم فريسة لتجار الموت، يسلبونهم مالهم الذى جلبوه بشق الأنفس أولاً، ثم حياتهم ثانياً، حيث يبتلعهم بحر الظلمات الذى لا قرار له، وتترك هذه المافيا دون عقاب!، ودون ملاحقة.. ومعروف أنه من آمن العقوبة أساء الأدب.

فلذات أكباد أهاليهم هؤلاء.. شباب هذا الوطن المثقل بأحلام المستقبل، المحمل بثقافات متباينة، بعضها تواكلى، لا يقيم وزناً للتفكير والتخطيط دون أن يعرف مغزى التوكل على الله فى واقع الأمر، وبعضها جهل أو غباء، يفجرون فى وطننا التساؤلات المريرة كل يوم!، تساؤلات لا نجد إجابة لها حتى الآن، لسبب بسيط هو أننا لم نجلس معاً لنطرحها بوضوح وبصراحة!، هل هم المخطئون فعلاً أم أن الدولة هى سبب البلاء والكارثة؟

كل الكوارث قد تهون، لكن الكارثة الحقيقية هى أننا رغم كل ما جرى وسيجرى «لم نطرح الأسئلة الصحيحة فى الأوقات الصحيحة»، نحن أمام مأساة إنسانية شديدة القسوة ومع هذا «لم نواجهها بنقاش مجتمعى علمى واضح وصريح»!، أفرد الأشرعة للنور يا مراكبى.. شد قلوعك يا مراكبى.. افردوا الأشرعة لتظللنا.. وتغير واقعنا الكارثى!