عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قد لا يكون اسمه معروفاً على نطاق واسع، حتى وسط النخبة، وهو لابد ينتمى إليها، وهناك أجيال تالية له، لا تهتم بمعرفة الآباء المؤسسين فى مختلف المجالات، أو تقييم أدوارهم، ومتابعة الرسالات النبيلة التى نذروا أنفسهم لها على أهمية هذا التواصل والمتابعة واستكمال المهام فى المحافظة على صحة الأمة النفسية وذاكرتها المشتركة.

هو عينة من المجاهدين يسارعون إلى ميدان العمل العام، وليس فى ذهنهم مخاطبة التاريخ، أو انتظار التصفيق، أو البحث عن شهادة. إنهم يندفعون، يشغلهم التأسيس والتغيير إلى أفضل، ودفع الحركة إلى الأمام، يتلقون الضربات، وعندما يحرزون هدفا ليس لديهم وقت ليرقصوا طرباً، وإنما تشغلهم الخطوة التالية التى تدعم أى نجاح.

بدأ سعد كامل خطواته مع التيار الذى يعتنق العنف وسيلة لإجبار الأعداء على الرحيل، وأضاف إليهم الأنصار الذين يوالونهم من المصريين وكان بين المتهمين فى قضية شهيرة، قبل قيام ثورة 1952، عرفت باسم قضية مقتل أمين عثمان. ثم ترك هذا الطريق الذى لا يؤدى إلى فجر حقيقى، وانضوى تحت لواء الحزب الوطنى بقيادة فتحى رضوان, وفى نفس الوقت انضم إلى حركة السلام، بل كان من مؤسسيها، وهى حركة سياسية عالمية المنشأ، ولدت كرد فعل لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، تهدف إلى الحيلولة دون حرب نووية، تأتى على الحضارة الإنسانية كلها، وأصدر هذا التجمع الوليد فى مصر، مجلة (الكاتب) لتكون تعبيراً عن دعوته، وأوكل رئاسة تحريرها إلى سعد كامل، الذى جمع حولها فريقاً من الشباب، أصبحوا من بعد من أكبر نجوم الصحافة المصرية، فى العقود التالية، وتفوقوا على سعد نفسه، وكان فخورا بهم إلى آخر يوم فى حياته، يكفى أن نذكر من بينهم حسن فؤاد وصلاح حافظ. وحين تولى مسئولية الثقافة الجماهيرية، فى مرحلة نهوض ثقافى، نهوض ارتبط انطلاقه وحمايته باسم ثروت عكاشة وبرنامجه، فإنه أشعل فى هذه الأرض البكر -نقل الثقافة إلى الأقاليم- نارا، استمرت لوقت طويل ورغم أنه لم يقض فى هذا المجال إلا عاماً وشهوراً، فإن رنين نشاطه ظل مسموعاً لسنوات تالية.

ومن أبناء التجربة الرائعة والذى يعد شاهد عيان على نجاحها الفنان التشكيلى عز الدين نجيب فيتحدث عنها قائلاً: كانت تجربة قصور الثقافة الجماهيرية عام 1966 على يدى وزير الثقافة ثروت عكاشة والكاتب الصحفى سعد كامل هى المرحلة الثانية فى تاريخ هذا الجهاز حيث كنت قد شاركت قبلها بين عامى 1966 و1963 فى تأسيس قصرى الثقافة بالأنفوشى وبور سعيد، ثم العمل بقصر الثقافة بجاردن سيتى، لكن المرحلة الأهم فى تاريخ الثقافة الجماهيرية هى التى بدأت فى النصف الثانى من عام 1966 مع تولى ثروت عكاشة وزارة الثقافة للمرة الثانية واختياره سعد كامل ليكون رئيساً لهذا الجهاز, وتميزت هذه التجربة باعتمادها على مجموعة من الكتاب والفنانين الشبان لقيادة قصور الثقافة بمختلف المحافظات، وكنت واحداً منهم وبالرغم من أننى لم أكن تجاوزت سن السادسة والعشرين من عمرى لم يمنع ذلك وزير الثقافة من وضع هذه المسئولية على عاتقى، وأذكر من بين مديرى قصور الثقافة آنذاك حسن إمام فى بنها وهانى جابر فى السويس ومحمد غنيم فى دمنهور وعلى أمين ثم محمود دياب فى الإسكندرية ويعقوب الشارونى فى بنى سويف وهبة عنايت فى أسيوط وعلى سالم فى أسوان.

ويوضح (نجيب) قائلاً: عن تجربتى الشخصية كانت صعبة للغاية حيث كان على أن أنشئ قصراً للثقافة فى كفر الشيخ من نقطة الصفر بعكس قصور الثقافة الأخرى فى المحافظات المختلفة التى كانت لها مبان فخمة تم إنشاؤها أوائل الستينات خلال المرحلة الأولى من عمل الثقافة الجماهيرية. كما لم أستطع الحصول على أموال أو موظفين أو حتى عمال للعمل بالقصر، ومن ثم كان التحدى الأول إقناع المحافظ -اللواء جمال حماد- بتوفير الإمكانات المادية بدلاً من وزارة الثقافة، ونجحت فى ذلك بالتعاون مع المحافظ وبدأت عملى من القاعدة الجماهيرية قبل القمة حيث سعيت إلى الاعتماد على مجموعة من شباب المثقفين بالمحافظة وأسسنا فرقة مسرحية من بينهم.

والخلاصة كما يرى (نجيب) أن تجربته قامت منذ بدايتها وحتى نهايتها على أساس المشاركة الشعبية، وإطلاق طاقات الحريات والديمقراطية واكتشاف المواهب الخلاقة فى جميع مجالات الإبداع بعيدا عن المركزية والبيروقراطية بالقاهرة وانتظار الدعم والتمويل من الدولة, وإذا كانت قد قمعت بأجهزة السلطة فإنها نجحت فى تشكيل أجيال من الشباب المؤمنين بدور الثقافة.

فما أحوجنا الآن إلى مثل هذا الرجل والذين معه.

[email protected]