رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

أعطت الحضارة الشرقية القديمة، على مر عصورها، اهتماماً كبيراً لمفتتح الرحم من الذكور، فخصته بالكثير من الامتيازات، سواء من الناحية الاجتماعية أو الدينية أو حتى السياسية، وأغلب التشريعات التى وصلتنا(من مصر والعراق وفلسطين وسوري(، تتضمن العديد من المواد القانونية التى تقنن للبكورى امتيازاته فى الأسرة والمجتمع فى آن واحد، صحيح لم يكن ولى العهد بالضرورة هو أكبر أبناء الملك، إلا أن النصوص تشير إلى أنه كان الحاكم القادم، وتؤكد أن تعاقب الأبناء للأباء كان قائماً منذ بداية عصر الأسرات، وقد فسر هذا التعاقب بأنه من مظاهر رضا الآلهة عن ملوك الأسرة التى يتعاقب أبناؤها على العرش، فى بلاد الرافدين كانت الحكومات العراقية منذ نظام دويلات المدن - قبل سرجون الأكدى موحد بلاد الرافدين - قد اختارت النظام الملكى الثيوقراطى، فجاء فى الآداب الدينية(الشرق الخالد: عبد الحميد زايد) أن شارات الملك كانت فى السماء عند الإله " آنو " وأن الآلهة فى السماء قد أنابت عنها فى حكم البشر الملوك والحكام، وأن نظام الملوكية فقط هو الذى هبط من السماء، ولما نزلت وظيفة الملوكية وشاراتها من السماء إلى الأرض قام الإله " انليل " والإلهة " عشتار " بالبحث عن راع يرعى  مصالح الناس، ومن ثم يتم انتخاب أحدهم، وكان الملوك يباشرون وهم على قيد الحياة انتخاب أحد أولادهم، وتقر الآلهة هذا الانتخاب، مما يشير ضمناً إلى إن الآلهة، طبقاً لمعتقدات السومريين والاشوريين، هى التى كانت تحكم البشر، وأنها بمقتضى هذا الحق، تفوض أو تختار من بينهم من يمارس هذه السلطة على الأرض وهم الحكام والملوك، وهذا الحاكم بأمر الله ، لقب فى بداية أمره (السومريون والأكاديون: فاضل عبدالواحد) بلقب " إنسى " بمعنى النائب أو الوكيل، إشارة إلى وكالته عن معبود مدينته فى حكم بلده وأهلها، وإشارة إلى القداسة بالوكالة التى يرتكز عليها فى ممارسة سلطاته الدينية والمدنية، وبعد اتساع السلطة ترك لقب إنسى للولاة الفرعيين، وتلقب( الشرق الأدني القديم: عبدالعزيز صالح) كل حاكم بلقب " لوجال " بمعنى الرجل الجليل، وقد بقيت فكرة انتخاب الملك بواسطة الآلهة حتى العهد الفارسى ، فهذا كورش يبرر حكمه لمدينة بابل، بانتخاب الإله " مردوخ له "، ولأن " سرجون " الأكدى لم يكن من دم ملكى، وكان أصله من عائلة رقيقة الحال، فزعم أن الإلهة " عشتار " قد نصبته ملكاً، ولم يغلب الحاكم بأمر الله أو الإنسى أو اللوجال، فى إيجاد حيلة لتنصيب بكره خلفا له، فتشير النصوص إلى قيامه باستخدام نفس المبدأ فى ترشيح إبنه، فبعد أن يختاره يؤكد أن الآلهة وافقت وأقرت هذا الاختيار، وهذا النظام الثيوقراطى هو نفسه الذى اتبعه بنو إسرائيل فيما بعد، ومع أنه لم يكن من الضرورى أن يتولى الابن الأكبر ولاية العهد، إلا أن أغلب قوائم الحكم تشير إلى أن هذا الحاكم غالبا ما كان البكر .

 

[email protected]