عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

منذ 35 عاما أصدر الرئيس السادات قرارات 5 سبتمبر 1981. والتى بدأت بالاعتقال وانتهت بالاغتيال!

فى مثل هذا اليوم أمر السادات باعتقال 1536 سياسيا معروفا وغير معروف، منهم طلاب وشباب، من مختلف الاطياف السياسية، ولكن قيل ان هذا العدد ليس حقيقيا وان الاعتقالات طالت اكثر بكثير من القوائم الرسمية، الذى ظهر السادات يوقعها فى التليفزيون.. وقد برر ذلك بإطفاء الفتنة الطائفية التى تشعل البلد، ولكنها كانت بداية احراق الديمقراطية فى مصر!

ويُحسب للرئيس السادات انه أراد عودة الحياة السياسية الديمقراطية كما كانت قبل 23 يوليو 52. ولكن بدون الملك فاروق.. الذى كان، تقريبا، يملك ولا يحكم، إلا فى حدود اقالة الوزارات، وإعادة تشكيلها.. بينما السادات كان هو رئيس الجمهورية الذى يملك ويحكم.. ولذلك عادت الديمقراطية شكلية وليست حقيقية!!

ويوم 5 سبتمبر لم يكن يوم الاعتقال الوحيد للديمقراطية فى التاريخ المصرى المعاصر، ولكنه كان امتدادا لأيام كثيرة تمت فيها التضحية بالديمقراطية بدعوى امن وسلامة البلد.. وكلها انتهت بكوارث على الشعب وعلى الرئيس.. مما هدد أمن وسلامة البلد!

الرئيس عبدالناصر، كان عضو مجلس قيادة الثورة الوحيد الذى وافق على إعادة الحياة الديمقراطية للبلاد واتخاذ الديمقراطية طريقا لنظام الحكم بينما كل اعضاء قيادة الثورة صوتوا لصالح الديكتاتورية بما فيهم السادات.. ولكن بعد عامين، ولما اصبح رئيسا للجمهورية، وتحديدا منذ احداث مارس 1954، وحتى موته المفاجئ فى 28 سبتمبر 1970، كان نظام حكمه ديكتاتوريا من الدرجة الأولى، فقد اعتقل كل معارضيه حتى الذين كانوا مع الثورة ولكنهم يعترضوا على سياساته وأسلوب حكمه الديكتاتورى البوليسى، أو الذين أرادوها ديكتاتورية أخرى ولكن إخوانية إسلامية.. وكانت مذبحة القضاة الشهيرة، بالإضافة إلى تشريد الصحفيين والكتاب إلى أعمال إدارية فى شركة باتا للأحذية.. شبيهة إلى حد كبير بقرارات 5 سبتمبر!

وما لا يعرفه جميع الرؤساء.. إن الديمقراطية هى الحل السحرى الوحيد لإنقاذ أى دولة من أى شىء يهدد امنها وسلامتها.. وان الاقتصاد وحده لا ينفع، وكذلك مليارات الدولارات لا تكفى ان تجعل من الدولة الفقيرة دولة غنية.. وباستثناء الصين، التى استبدلت التعليم بالديمقراطية.. لا توجد دولة غير ديمقراطية متقدمة!!

وأن الدول الغنية، مثل الدول الخليجية خاصة، والبترولية عموما، مثل ايران ونيجيريا وفنزويلا، لازالت من دول العالم الثالث وغير متقدمة، رغم كل مظاهر الغناء الفاحش، إلى حد السفه، وأيضا غير آمنة رغم الانفاق المبالغ فيه على التسليح.. وذلك لأنها دولا غير ديمقراطية!!

وان مصر تحديدا، لم تتدهور اقتصاديا، ولم تتراجع ثقافيا وتعليميا.. الا بسبب غياب الديمقراطية، وان محمد على باشا لم يجبره أحد على ان ينشئ مجلس الشورى عام 1829، وهو أول مجلس نيابى تعرفه مصر.. ولكنه اكتشف انه من الضرورى ان يشارك اعيان البلد فى إدارة حكم الدولة المصرية الحديثة.. لان هؤلاء الاعيان هم الذين جاؤوا به إلى الحكم لما خرج الشعب تحت قيادتهم ومعهم شيوخ الأزهر وخلعوا خورشيد باشا والى السلطان العثمانى ونصبوا الضابط الالبانى محمد على واليا على مصر عام 1805م!!

ولم يعتبر الضابط «محمد على» ان تنصيب الشعب له واليا عليهم بمثابة تفويض ليفعل ما يشاء وكيفما شاء بدون مشاركتهم معه فى إدارة شئون البلاد.. لان الجندى من هذا الشعب ولا بد ان يشارك فى حكمها حتى يحرسها، وان الفلاح من هذا البلد ولا بد ان يشارك فى حكمها حتى يزرعها، وان العامل من هذا الشعب، ولا بد ان يشارك فى حكمها حتى يبنى مصانعها ويشغلها.. والمهندس والطبيب والمعلم.. وكل المهنيين والفنيين من هذا الشعب، ومشاركتهم فى الحكم معه هو الذى سيجعل الدولة المصرية متقدمة مثل الدول الأوروبية.. ولهذا اعتقد ان عبقرية محمد على الحقيقية فى بناء الدولة المصرية الحديثة يرجع إلى شيئين.. إيمانه بالتعليم وبالديمقراطية، كسبيل وحيد للحفاظ على سلامة وأمن هذا البلد وليس أى شىء آخر!!