عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

إن وزير الآثار، الدكتور خالد العنانى، لا يفكر من داخل الصندوق، كما يفعل كل أسلافه من البشر، ولكن العبقرية تكمن فى الخروج من المألوف إلى الجديد فى الفكر والسلوك، ومن سيكولوجية القطيع إلى دوحة الفكر والتنقل بحرية على أغصانها كالطائر المغرد، الذى يتنقل من غصن إلى غصن عازفًا أعذب وأجمل الألحان بعيدًا عن بيروقراطية الموظفين الصغار الذين يفشلون كل أصحاب الفكر والرأى الذى خرج من مألوف النص إلى الإبداع والتميز دون ابتذال، فهو أستاذ جامعة خرج بالطلبة من قاعات الدرس وأسوار الجامعة إلى الواقع المعاش بهدف تعديله وتغييره، لذا قام باختيار الدكتورة رشا كمال مديرًا ومنفذًا لإدارة الوعى الأثرى بوزارة الآثار كى يغير واقعًا من السلوك الرافض الخاطئ للآثار إلى سلوك إيجابى تجاه ثلث آثار العالم.

إن اختيار الدكتورة رشا كمال من جهة نظرنا تعد نقلة نوعية فى اختيار الشخص المناسب فى المكان المناسب وأخرى كمية وكيفية فى إبراز العمل المؤسسى والحضارى إنتاج وإبداع كل الأطفال الصغار فى ربوع مصر الذين عبروا عن وعيهم الأثرى من خلال لوحاتهم التى تم عرضها فى المتحف المصرى خلال وجود وزير الآثار السابق الدكتور ممدوح الدماطى، وبرفقته وزير التعليم ووزير الشباب والرياضة حينذاك.

إن الجمهور المستهدف فى «بناء السلوك» هم الفئة العمرية التى تقع عمرها فى مرحلة ما قبل التعليم الأساسى، وما بين الرابعة والخامسة والتى يؤكد الفيلسوف الإنجليزى توماس هوبز أن العقل البشرى فى هذه المرحلة يولد صفحة بيضاء عند الميلاد وهؤلاء هم الفئة المستهدفة فى استقبال القضايا الإيجابية عن الآثار المصرية بكل تصنيفاتها وأشكالها واتجاهاتها وأعتقد أننا نتعامل معها كأجهزة استقبال متلقية ويتم طبع الرسائل والمضامين الإعلامية والحضارية على خلايا هذه العقول التى تعد أرضًا بكراً لا تحتاج إلى عناء يذكر إلا فى صياغة المفاهيم البسيطة والواضحة وتجهيز القائمين على إرسال هذه الرسائل بطريقة علمية تتلاءم مع هذه الفئة العمرية الصغيرة، ثم نأتى إلى المرحلة الثانية فى السلوك الإنسانى «التدعيم»، أى أن الفئة العمرية التى تقع بين سن السادسة حتى الثانية والعشرين من عمرها هى بين التعليم الأساسى حتى التعليم الجامعى، وهى فئة عمرية لها خلفية تاريخية وحضارية وثقافية معينة تتبناها وتدافع عنها.

ومن نافلة القول إن هذه الفئة العمرية لها وعى تشكل عبر مراحل تعليمها المختلف ويمكن التعامل معها وفق السن والمرحلة العمرية وثقافتها سواء بتدعيم بعض أفكارها وقضاياها أو كل ثقافتها عبر مراحلها العمرية ولا ندعى جديدًا إذا قلنا إن هذه الفئة تتميز بالاتصال الشخصى المباشر القائم على الحوار والإقناع بأن لها خلفية لا يمكن إنكارها أو تجاوزها والاتصال الشخصى معها يفيد فى رد الفعل أو التغذية المرتدة من خلال المناقشة والحوار.

وأخيرًا الفئة الثالثة وهى الفئة التى تقع ما بعد التخرج وسن العمل وما قبل التقاعد من العمل وهى الفئة العمرية التى يمكن التعامل معها من خلال «تعديل السلوك» وليس تغيير السلوك، لأن العقول فى هذه الحالة قد تشربت على أفعال وأقوال من خلال العادات والتقاليد فى المجتمع ربما تكون صحيحة وتحتاج إلى تعديل، وأحيانًا تكون خاطئة عبر السنين وتراكمت فى العقل البشرى عبر خبرات وسنوات طويلة وترسخت فى سلوك مضاد لقيم المجتمع وهؤلاء التعامل معهم يكون من خلال الاتصال الشخصى والحوار المستمر والدائم مع التحلى بالصبر وسعة الصدر حتى لا يتحول هؤلاء إلى أشخاص متذمرين وساخطين، لأن الإنسان يكون عدوًا لما يجهل والانتقال بهؤلاء من حالة الجهل المعرفى إلى الوعى المعرفى يكون منقوصًا ونسبة التعديل فى السلوك لن تكون إلا بنسبة تتراوح ما بين 25 إلى 40٪ وهى نسبة تعد هائلة، لأن هؤلاء يعتقدون أن كل ما تعلموه وخبروه فى حياتهم صحيحًا، وهذا هو صراع الأجيال وسنة الله فى خلقه.

وأخيرًا نأتى إلى آليات تنفيذ هذا العمل يكون من خلال التواصل وعقد البروتوكولات بين وزارة الآثار ووزارة التعليم والتعليم العالى والشباب والرياضة والأوقاف والكنيسة المصرية والدفاع والداخلية والحكم المحلى وكل النقابات المهنية والعمالية، على أن تقوم وزارة الآثار باختيار أفضل العناصر من خريجى الآثار الذين يملكون «الرغبة والقدرة» فى أداء هذا العمل المؤسسى الذى سيغير المفاهيم والقضايا تجاه الإرث الحضارى والثقافى والمعرفى «فالرغبة» وحدها لا تكفى لأن فاقد الشىء لا يعطيه «والقدرة» بدون رغبة حقيقية فى الإصلاح والتغيير تصبح دروسًا تؤدى دون التحمس لها وتتحول إلى وظيفة ولكن المأمول والمرتجى والمبتغى أن تكون «الرسالة» هدفها التغيير والتعديل والانتقال من اللاوعى للوعى إذا كنا جادين فى الإصلاح والبحث عن وطن ثان.