عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الفرح والحزن كلمتان متلازمتان نشترك فيهما جميعاً وبنفس الإحساس، لأن الله هو الذي أضحك وأبكي.

الضحك مظهر حقيقي للسعادة، والبكاء الوجه الجلي للتعبير عن الأحزان، هذه المشاعر واحدة عند الجميع ونختلف فقط في طريقة التعبير عنها فرحاً أو حزناً، فكل منا قد خلق بشخصيته المتفردة  التي لا يشبهه فيها أحد، فمنا الصبور القوي الذي لا تعرف أحزانه طريقاً لوجهه ولكنها تستقر دائماً  في قلبه، ومنا الضعيف ذو الحس المرهف، تظهر عليه مشاعره حتي لو تظاهر أو حاول إخفاءها.

ودائماً ما تسيطر علينا حالات العنف في الأفراح والأحزان، سواء كان هذا العنف بالتعبير عن المشاعر فرحاً أو حزناً.. سواء كان هذا العنف بالبذخ في إقامة الأفراح أو سرادق العزاء واتخاذها ركيزة لإظهار القوة والمكانة والهيبة.

كل هذا لا يهم افرح كما تشاء وعبر عن حزنك كيفما تشاء فأنت الوحيد الذي يعرف مقدار حزنك وفرحك.

أما أنا فأتحدث عن قوه النفس البشرية وقدرتها علي تحمل الألم ظاهرياً وهي في قمة لحظات الانهيار داخلياً.

فمازالت صورة الرجل واقفاً يأخذ العزاء وسط حشد المعزين هي المسيطرة في أذهان الجميع، كبيرنا وصغيرنا، المتفتح علي ثقافات أخري أو المنغلق علي نفسه داخل صومعته الفكرية، الجالس في الهواء الطلق علي شواطئ مصر، أو المكوي بشمسها في صعيدها «الجوانى» كل هؤلاء لديهم نظرة واحدة قبيل واجب العزاء، وصورة واحدة لا تتغير، الرجل جنب الرجل، والأيدي الخشنة تسلم علي بعضها البعض، لتواسي بعضها البعض وتحتضن الحزن، كي لا يكسر الجميع.

هذا الاعتقاد الراسخ نسفته مي نور الشريف، وأخذت رماده لترميه في مياه البحار، تلك الفتاة التي وقفت تأخذ عزاء والدها الفنان الراحل نور الشريف بكل قوة، وبنفس صلبة وعزم شديد.

لا أعرف عنها الكثير، ولكن تراودني عنها صورة الرفاهية وعيش الحياة الرغدة، فهي ابنة لنجم كبير، وأول انطباع يقفز في ذهنك أنها فتاة لا تتحمل الهم أو الحزن، ليس عندها من الجلد الكثير مثل غالبية نساء مصر اللاتي يعلن أسراً كاملة، ويتحملن صعوبات الحياة.

ولكنها بكل بساطة وهدوء تقول بكل قوة إنها  «بنت بلد»، فالمشهد المهيب الذي ظهر في جنازة الفنان نور الشريف وانهيار كثير من الوسط الفني، في حالة بكاء وحزن شديد كان وحده دافعاً وسبباً لتنهار أسرته  بالكامل، ولا تتمالك كتمان هذه المشاعر، ولكن «مي» كانت أقوي من الجميع.

وقفت أمام صورها وهي تأخذ عزاء والدها، أتأمل هذا المشهد الغريب علي عيني، أتابع قوتها وصلابتها، وملابسها البيضاء، أشاهدها وهي تتابع التحضير لسرادق العزاء وترتيباته، وهي تستقبل المعزين بكل عزة وكبرياء، لتغير بتلك المشاهد والصور بعض المفاهيم التي تسيطر علي عقولنا، وتجعلنا نعيد النظر عن انطباعات أحكامنا السابقة علي الناس دون معرفتهم، لتثبت «مي» أنها فتاة من ظهر رجل اسمه نور الشريف.. رحمه الله.

[email protected] .com