عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

فى العشرين من يونيو الماضى عرضت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية على موقعها خريطة جديدة لدول الشرق الأوسط بعد تقسيمها لتدخل فى إطار سايكس بيكو جديدة، فأظهرت سوريا والعراق وليبيا واليمن والسعودية وقد تحولت إلى دويلات على أساس طائفى عرقى مذهبى بحيث سيكون مآلها فى النهاية التقسيم الذى يعززه الصراعات الدائرة فى المنطقة.. هذه المحصلة لم تأت من فراغ وإنما صنعتها وساعدت عليها محاولات الغرب المريض إضعاف جيوش الدول العربية ومحاصرتها بالأزمات والمشاكل والأمثلة على ذلك كثيرة. ويكفى ليبيا هنا كنموذج، فلقد أمعن الغرب بدعم من المجتمع الدولى ممثلا فى منظمة الأمم المتحدة بإصدار قرار يحظر تصدير السلاح إلى الجيش الليبي حتى يخسر معاركه أمام الميليشيات المسلحة وأمام داعش الإرهابى.. ولا يفهم المرء المغزى من هذا السلوك الدنىء رغم أن الغرب هو الذى أوصل ليبيا إلى الوضع الراهن بعد أن تولى الناتو قصفها للتخلص من القذافى فكان أن أسلمها إلى هذا الوضع الذى ترزح فيه الآن لتكون بين نارين.. نار الميليشيات المسلحة ونار داعش الإرهابى الذى سيطر على مناطق فيها تصدرتها مدينة سرت.

سوريا نموذج آخر يجسد مأساة دولة تم تسليط الارهاب عليها من آفاق الأرض إمعانا فى وأدها عبر إسقاط نظامها وحشد السلاح والمال والتدريب للجماعات المسلحة التى تصنفها أمريكا وتركيا ودول خليجية على أنها معارضة معتدلة!. حتى إذا تفتت الدول أمكن لأمريكا الهيمنة عليها.. والغريب أن يجرى تنفيذ المخطط على يد دول خليجية ساهمت بشكل كبير فى إضرام النار فى الأشقاء ولم تعبأ بالمآل الذى ستنتهى إليه المنطقة من جراء ذلك.. ولا أعلم إلى متى تقودنا نكبات العالم العربى التى جاءت نتيجة الأداء المخزى لبعض قيادات الدول العربية حيال قضية التضامن وجمع الصف؟

ليت السعودية تخفف الوطء وهى التى ما زالت تخوض حربا فى اليمن باسم الأمل، وشنت على سوريا حملة تأديب بكل الأسلحة بما فيها التحريض الطائفى وتعزيز المعارضة ومدها بالأسلحة النوعية بما فى ذلك صواريخ تاو.. تواطأت مع تركيا ذات الأطماع التاريخية المعلنة والتى لجأت إلى تذويب العراق بالفتنة فسلطت عليه داعش ليعلن خليفته المزعوم المدعو البغدادى قيام ما أسماها تجاوزا بالدولة الإسلامية، وهو ما سيجعل العراق يأتى طائعاً طالباً النجدة.. والأغرب أن نجد دولا خليجية تختط طريقا صعبا محفوفا بالمخاطر عندما سعت إلى التقارب مع إسرائيل بهدف الاستفادة من قوتها السياسية والعسكرية ظناً منها أن هذا من شأنه أن يعزز من قوتها وابتعدت بذلك عن محور روسيا سوريا العراق وإيران.غاب عنها أن هذا سيصب بالسلب فى مصلحتها بل وسيعزز الفجوة بين الأشقاء ويفتح الطريق لظهور الأعراض الجانبية.. غاب عنها أن إسرائيل لا تفكر إلا فى مصالحها.. ومن ثم ستعمل جاهدة على توظيف العرب الساعين إلى التقارب معها لخدمة هذه المصالح، وبالتالى ستكون العواقب وخيمة.

لا شك أن الوضع فى الدول العربية يكشف التخبط  حيث يغيب الموقف الموحد، وحيث بات الانقسام فى الساحة هو المهيمن وبالتالى تظل الدول قابعة تحت نيران الميليشيات الإرهابية والتدخل الأجنبى إلى مدى غير معروف.. وزاد الطين بلة عجز العرب عن قراءة المتغيرات الحادثة فى المنطقة بحيث لن يتمكنوا من التعامل معها بالشكل الذى يمنع عنهم عواقبها.. ولهذا بات من الأهمية بمكان اليوم ونحن نتحرك وسط الأحداث والتطورات التى تشهدها المنطقة أن نعمل العقل كى لا نقع فى دائرة الصراعات والانقسامات التى يكون مآلها فى النهاية الوقوع فى براثن خريطة الشرق الأوسط الجديد التى يجرى تشكيلها بحرفية تنفيذا للأجندة الأمريكية الهادفة إلى تقسيم وتجزئة الدول العربية.