رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فرق كبير بين الفاشل والناجح، بين من اختار أن يكون فى الحياة مجرد رقم، ومن قرر أن يلفت إليه الأنظار، فيشعر الناس بوجوده وقيمته وبإسهاماته فى الحياة، فرق كبير بين من أتى للحياة ليأكل ويشرب وينكح وينام على ظهره، وهو يمارس النميمة على صفحات التواصل الاجتماعى، ومن يراقب الأحداث ويحلل تفاصيلها ويتعلم منها الدروس والعبر، فرق كبير بين من لا يحترم الوقت، ولا يدرك قيمته، ولا يلتفت للزمن وهو يتسرب من بين يديه ومن يحرص على استثمار كل ثانية من حياته فى نفع الأهل والمجتمع والوطن، فرق كبير بين من اختار أن يعيش ميتاً ويموت حياً ومن فهم معنى وجوده الحقيقى، ورآه فى الجد والاجتهاد والعمل، وما أكثر من ينتمون للنمط الأول المكتفين دائماً بالفرجة على خلق الله والتصفيق والتهليل لمن يربح والراضين بأن يكونوا مجرد مادة خام للترجيح كفة أى من القطط السمان على الكفة الأخرى، وما أقل من ينتمون للنمط الثانى رغم كونهم اللاعبين الأساسيين للأدوار فى العالم وأهم محطات تطوره وانتقاله من مرحلة إلى مرحلة ومن نظام إلى نظام ومن مستوى معيشى إلى مستوى معيشى آخر، ولا يذكر التاريخ واحداً من المنتمين للنمط الأول، لأن الدنيا كانت بالنسبة لهم مجرد ممر، أتوها ثم مروا منها ولم يشعر بهم أحد، بينما تمتلئ صفحات التاريخ بأسماء هؤلاء الذين أثروا حياتنا ووظفوا أنفسهم فى خدمتنا وتعلموا منا وعلمونا، منهم العالم الجليل والقامة والقيمة الأستاذ الدكتور أحمد زويل الذى نبت من تراب مصر وعاش وتربى فيها وحلم ونجح من أجلها وتألم وعانى فى سبيلها الكثير والكثير من أولئك الذين لا يحملون فى داخلهم سوى كراهية ذواتهم وكراهية الأوطان.

آمن الدكتور زويل بالعلم فأعطاه العلم وتصدى للإحباط واليأس بكل قوته، فاستحق بجدارة أن يكون الفكرة والمعنى أن يكون مصدر إلهام للراغبين فى النجاح والساعين إليه وعلى الرغم من أن رحيله يوم الثلاثاء الماضى يمثل خسارة حقيقية لمصر والعالم كله، فإن استلهام تجربته والاقتداء بخطواته والاستفادة من طاقته الإيجابية قد يدفع كلاً منا لأن يفتش فى نفسه عن نفسه عن مواهبه عن ملامح تفرده عن مكامن التميز التى تدفع دائماً به لموقع الصدارة، باختصار أن يفتش فى نفسه عن زويل آخر يكون المثل والقدوة والحافز للرغبة فى الانتصار على الجمود ومقاومة مرض الاسترخاء الذهنى المنتشر هذه الايام، زويل آخر بداخله أهم قيمة اكتسبها المرحوم الدكتور أحمد زويل هى «الإيمان» بكل ما تحمله دلالات الكلمة على كل المستويات:

 (1) كان زويل مؤمناً بذاته فلم تغب يوماً شمس رغبته فى أن يكتشف أجمل ما فيه «العقل» فينميه ويزوده بالعلم والمعرفة ويستغله فى التفوق على زملائه واحتلال المراكز العلمية الأولى التى راح يتدرج فيها حتى فاز بأرفع الشهادات العلمية من الولايات المتحدة الأمريكية وحصد العديد من الجوائز العالمية والإقليمية والمحلية ولعل أهمها جائزة نوبل فى الكيمياء والتى لم تمنح لمثله من العرب والمصريين من قبل فى هذا المجال.

 (2) كان زويل مؤمناً بمصريته وكان يقول دائماً عن مصر: (مصر تستحق ومصر تستطيع، ولا يجب أن نجعل الأمطار والرياح الملوثة تعطل مسيرتها) ويقول أيضاً: (أنا ابن هذا الوطن الغالى الذى أعطانى الكثير، وأريد أن أعطيه ما حصلت عليه من معرفة وخبرة لينهض قبل أن أفارق الحياة) ويقول: (الغرب ليسوا أذكياء ونحن لسنا أغبياء، فقط هم يدعمون الفاشل حتى ينجح ونحن نحارب الناجح حتى يفشل).

 (3) كان زويل مؤمناً بالعلم وبأهمية البحث العلمى سواء للدول المتقدمة أو الدول النامية لأنه من وجهة نظره: (لا توجد أمة تتقدم خطوة واحدة دون العلم، ولا توجد أمة تتخلف إلا نتيجة إهمالها للعلم).... (إن أزمة مصر الحالية فى منظومتها التى تهمل الكفاءات وتمكن أهل الثقة من أهل الخبرة وتضيع العلم وتحيله لطاقة مهدرة تستنزف الأموال ولا تنمى العقول) لذلك وضع زويل نصب عينيه العمل على تغيير هذه المنظومة ودعم العلم والعلماء بإنشاء أول مؤسسة علمية راقية «مدينة زويل للعلوم» وهدفها ربط سوق العمل بالبحث العلمى والاهتمام بالطاقة البديلة والقيام بالأبحاث التى تواكب التطورات السريعة فى مجال التكنولوجيا ورغم عمر المدينة القصير الذى لا يجاوز 4 سنوات، فقد احتلت المركز الأول بين الجامعات المصرية على تميزها البحثى بناء على تصنيف «جوجل» مؤخراً، كان الدكتور أحمد زويل يردد ما كان يقوله عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين: (ويل لطالب العلم إن رضى عن نفسه) لذلك ظل طيلة حياته طامحاً فى المزيد منه، فيتعلم ويتعلم ويشهر سلاحه «العلم» فى وجه نخبة الدجالين والمشعوذين والمخرفين والانتهازيين.

رحم الله العالم الجليل الدكتور أحمد زويل وتقبله من الصالحين بما قدمه من علم للبشر، مصداقاً لقول نبينا محمد عليه الصلاة والسلام: (إذا ما مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم يُنتَفَع به أو ولد صالح يدعو له) وقوله: (خيركم من تعلم العلم وعلمه) ورحمنا الله ممن يتكلمون ولا يفعلون أو يُنصَحون ولا يستجيبون، ومكننا من أن نتزود بالمعرفة من أهل المعرفة ونقتدى بالقدوة النموذجية ونفتش فينا عن أجمل ما فينا « الحب، التضحية، التفانى، استيعاب الدروس، الوعى باللحظة» وكل الصفات والقيم الجميلة التى تحلى بها العلماء والمفكرين، ومنهم المرحوم الدكتور أحمد زويل.