رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بوضوح

عندما أصدر الدكتور زاهى حواس قرارًا بمنع دخول المصريين منطقة الأهرامات وأبوالهول فى الأعياد والمناسبات العامة وقتما كان رئيسًا لمنطقة آثار الهرم وسقارة، هاجت الدنيا عليه واتهمه البعض بأنه عدو المصريين وأن جذوره يهودية، وتبارت أقلام فى محاربته لدرجة أن منهم من قال إنه ماجوسى وأن قراره وراءه رغبة فى المداراة على عبدة النار الذين يحضرون إلى مصر فى الأعياد ليمارسوا طقوسهم الماجوسية أمام الأهرامات.

وعندما ذهبت للدكتور زاهى وسألته عن سبب إصداره لهذا القرار، اخرج لى من درج مكتبه مجموعة صور لمنطقة الأهرامات وسقارة فى الأعياد، فذهلت مما شاهدت، جبال من المخلفات، وآثار حفر ونقش على حجارة الأهرامات نفسها لأسماء الحبيبة والزوار، وشروخ خطيرة فى زجاج غرفة مراكب الشمس الفرعونية، وتدمير لبعض الألواح الخشبية، ومخلفات آدمية فى أماكن متفرقة بجوار الأهرامات.

وقال لى دكتور زاهى «نحن شعب يملك أغلى وأهم الحضارات فى التاريخ البشرى، وأسوأ سلوك إنسانى لا علاقة له بالحضارة».

تذكرت هذه العبارة وأنا أرى أفواج المصريين قادمة إلى فنادق الغرقة الجميلة، واعتقدت حينها أن الحس الوطنى لدينا هو الدافع الوحيد فى رغبتنا لتنشيط السياحة الداخلية تلبية لنداء المسئولين للمصريين بتعويض السياحة الخارجية وفرحت جدًا، لكن سرعان ما زالت هذه الفرحة عندما شاهدت السلوك الهمجى الجاهل غير المتحضر للكثير من الأشخاص داخل الفنادق وعلى الشواطئ، أهالى يتركون أطفالهم يدمرون كل شىء أخضر ويابس، زرع وتحف، وأفراد يتحركون خارج مطعم الأكل بأطباق محملة بكل أنواع الأطعمة بشكل مقزز ولا يأكلوها ويتركوها فى الطرقات والحدائق بمنتهى اللامبالاة - لدرجة أن صاحب الفندق أخبرنى بأن بواقى الطعام الذى يتركه المصريون خلفهم فى كل وجبة تكفى لإطعام فوج سياحى كامل.

أما ما يحدث فى حمامات السباحة وعلى الشواطئ فهو دليل الجهل والتخلف وعدم إدراكنا لقيمة هذه المناطق التى منحنا الله إياها، فلا عيب أن ترتدى ما تشاء وأنت متجه للبحر أو حمام السباحة، لكن كل العيب أن تتعامل وكأنك فى ترعة بلدكم، فنجد بواقى الأطعمة والأكياس الفارغة و.. و.. و.. داخل البحر وعلى حمامات السباحة، ونشاهد السائحين وعمال الفنادق وهم يجمعون هذه المخلفات بعد رحيل المصريين فى محاولة منهم لإزالة آثار هذا التخريب والتدمير.

وقد رأيت أحد السائحين يعانق أحد عمال الفندق كان يجمع بقايا أكل المصريين من المطعم والحديقة الخارجية اعتذارًا له عما يعانيه، وشاهدت سائحة التصقت قدماها بأرضية «ريسبشن» الفندق بسبب العصائر والمشروبات التى سقطت على الأرض لأن الأطفال يملأون أكوابهم حتى تتساقط على الأرض ومنهم من يلقى الأكواب الفارغة البلاستيكية على الأرض.

وقتها تذكرت مقولة دكتور زاهى حواس: «نحن نملك أعرق حضارة فى التاريخ وأسوأ سلوك غير حضارى» وأدركت أن جهل الشعوب أخطر كثيرًا من فقرهم، فالأزمات تزول مهما طال الوقت وآثارها يمحوها عمل الإنسان وتحضره، أما الجهل والهمجية يخلفان وراءهما خراب ودمار لا تزول آثارها مهما حاولنا لأننا لن نستطيع بناء حضارة جديدة مثل التى دمرناها بجهلنا وتخلفنا.

[email protected]