رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

يستحق «حازم هاشم» أن نحتفى به فى يوم رحيله مثلما كان يحتفى بنا فى حياته.

كنا صغاراً وكان أكبرنا فى السن لذا كنا في حاجة لأفكاره ونصائحه التى كانت مثل نهر متدفق من التجارب التى لا تنتهى.

ما من زميل بجريدة «الوفد» لم يستوقفه حازم هاشم فى طرقاته وسأله عن أحواله ومنحه نفحة من روحه الجميلة ومن أفكاره المستنيرة.

كان «حازم هاشم» ككاتب وصحفى يلوم علينا جميعاً لأننا نأخذ الصحافة بجد ولا نهزر معها!!

ورغم مرارة المعنى الذى وراء ذلك ولكن لما كبرنا عرفنا انه كان على حق.. فقد كنا نؤمن بصدق الكثير من المبادئ وبمصداقية الشخصيات ثم اكتشفنا زيف هذه المبادئ، وكذب الشخصيات التى يرددونها!

عرفت «حازم هاشم» لأول مرة من خلال صورة فوتوغرافية ورقية، قبل اختراع الموبايل، كانت تجمعه مع صديقى وشقيقى الكبير «محسن جابر» فنان الكاريكاتير، رحمه الله، ولما تعرفت عليه فى جريدة «الوفد» كان هو نفس الشخص الذى حكى عنه «محسن» بعفويته وأمانته.

كان «حازم هاشم» يتحدث بالفصحى ويكتب ببساطة العامية حتى يتمكن من الوصول إلى أبسط الناس، ويصل إليهم، كي  يبصرهم ويتبصر معهم.

شخصياً استفدت من «حازم هاشم» الكثير وقد تصادف أن يكون مكتبى بالوفد مجاورًا لمكتبه لسنوات.. فقد عملت معه لفترة محرراً بصفحة الثقافة التى كان يشرف عليها وخلال هذه الفترة نشرت أجمل الموضوعات الصحفية فى مجال الثقافة بالإضافة إلى الكثير من الحوارات مع كبار الأدباء والمثقفين وعندما كنت أنتهى من تحقيق أو تقرير أو حوار كان يحتفى به ويفرح كالطفل.. وأذكر مرة استطلعت رأيه فى الاستقالة من رئاسة احد الأقسام، وكنت أصدر صفحة يومية واسمى عليها مشرفاً، وكنت متصوراً أنه سيوافقنى لأننى أبذل فيها مجهوداً كبيراً ومشاكلها كثيرة مع المسئولين، وكل يوم تقريباً كان النقاش يحتد مع رئيس التحرير بسبب خبر حول هذا المسئول أو ذاك.. وفوجئت به يرفض موضوع الاستقالة ويحثنى على أن أستكمل عملى وأن أواجه الفساد وأن أتحصن من المفسدين بالمستندات والوثائق!

توقف «حازم هاشم» عن الكتابة، وانتهت نصائحه الذكية برحيله، ووصلت مسيرته الثرية مع الصحافة، ومع محاربة الفساد للنهاية.. ورغم ذلك تظل كلماته وآراؤه وأفكاره الحرة المستنيرة أضواء كاشفة للعابرين فى شارع الحياة والصحافة.

يتساقط منا الكثير من الكبار ويبقى الكثير من الصغار، ونحزن فى هذه الايام اكثر مما نفرح، ونودع أجمل الناس اكثر مما نستقبل جديداً جميلاً.. كل شىء يدعو للبكاء والحسرة، وبرغم حزنى على رحيل الأحبة وما أكثرهم هذه الأيام إلا أننى فى لحظات كثيرة أفرح لهم لأنهم لن يضطروا للعيش فى زمن لا أحد يقول فيه الصدق ولا أحد يحتمله!!