رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مواجهة

 

رغم تحفظى على لفظ مثقف باعتباره من الألفاظ الفضفاضة والملتبسة فى عقول عامة الشعب، يحتمل أكثر من معنى، واعتراضى على لفظ النخبة باعتبارها قد تعنى تمييز طبقة ما عن بقية الطبقات، فإن ما لحق بالنخبة فى بلادنا من تنازع وتنافر وتنافس على احتلال صدارة المشهد، أياً كانت طبيعته، اجتماعية أو سياسية أو ثقافية، يمثل بالدرجة الأول أحد أسباب التردى والتدنى فى مستوى الوعى لدى بعض البسطاء والسذج ممن انقادوا وراء الجماعات الدينية المتطرفة من منطلق توهمهم أنهم يدافعون عن الدين.

لقد امتد إلى فئات ما كنا نتصور أنها يمكن أن تسقط فى مثل هذا التيه ومنها على سبيل المثال جماعة قضاة من أجل مصر، وبعض الكتاب وأساتذة وقيادات الجامعات، والأطباء والمهندسين.. نعم ألقى بالمسئولية كاملة على كل وزارة كان الوعى المصرى مجال نشاطها ومحور اهتمامها قبل ثورتى يناير ويونيه، التربية والتعليم والتعليم العالى والثقافة والأوقاف، بالإضافة إلى الأزهر الشريف.. أين كانت هذه الوزارات وغيرها من المؤسسات؟.. وما مسئولية قياداتها فى تنمية الوعى وإتاحة الفرصة وتهيئة المناخ أمام كل فكر دينى متطرف، إذا كنا نطالب بتجديد وتصويب الخطاب الدينى، فالخطوة الأولى تتطلب اعتذار كل القيادات السابقة التى كانت تعمل فى الحقل التعليمى والثقافى والتربوى والدينى وانفردت بصدارة المشهد قبل الثورتين، من المؤكد أنها قصرت فى مهمتها وانعزلت عن شعبها وافتقدت الحس التاريخى بحتمية التغيير، ولم تكتف بذلك بل تعالت كنخبة عن نبض الشارع الحى وطبقاته المتنوعة.. أين كنتم يا سادة عندما تمكنت جماعة الإخوان من استقطاب السذج والفقراء عن طريق الشاى والسكر، كان لديكم ما لا يقل أهمية عن ذلك، وأنتم أول من يعلم أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، لكنه يحيا بالدرجة الأولى عن طريق الوعى.

البعض منكم اكتفى بما يمكن أن تحققه الثقافة له من مكتسبات وعطايا مادية وأدبية ووظيفية، وشارك بإرادته الحرة فى منح جوائز الدولة لبعض القيادات السياسية والاجتماعية قبل الثورة من منطلق مكانتها الوظيفية، وليس من منطلق مكانتها العلمية تملقاً ونفاقاً لها.

حقاً كانت المسافة كبيرة بينكم وبين شعبكم، وإذا كان لنا أن نحدد سمات أو خصائص من نلقبه بالمثقف، فإن أولها التواضع وهو سمة العظماء.. ولعلنى قد لا أكون مبالغاً إذا رأيت أننا نفتقد هذه السمة لدى غالبية من ينتمون إلى مجال الثقافة.. وأذكر هنا أن الرئيس السيسى كان التقى بمجموعة من المثقفين، من مشارب شتى.. ورغم ذلك كله شاهدنا فى لقاء الرئيس السيسى ما يؤكد سماحته وبساطته وتواضعه التى اعتدنا عليها من قبل، وحديثه الصادر من القلب بما يتسم به من نبرة هادئة وتلقائية صادقة تؤكد لك أنك بصدد شخصية على درجة عالية من التواضع تذكرك بتواضع أديبنا العالمى نجيب محفوظ.

لعلكم تتخذون من لقاء الرئيس معكم درساً فى معنى التواضع.. وإذا كانت الثقافة هى ضمير هذا الشعب، وإذا كان من ينتمى إليها ليس معبراً عن هذا الضمير وصادقاً فى الدفاع عنه ومخلصاً له وقريباً منا ومتواصلاً معنا، فإننى أعتقد أنه لن يستطيع أن يقدم مشروعاً ثقافياً جديراً بالاهتمام.