رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

حفلت دراما رمضان بعدة ظواهر إيجابية، لن يقلل منها هوجة الآراء المتسرعة التى تسوق إلينا كل عام أحكاماً نمطية مستهلكة، من فصيلة إنها شوهت صورة النساء، وإساءات إلى قيم المجتمع، مع أنها انطوت كذلك على نماذج من رجال أشرار وفاسدين، الأمر الذى يؤكد أنها أحكام محافظة، تختزل الفضيلة فى شرف المرأة ونقائها.

هذا فضلاً عن أن الدراما، حيث هى فن، لا تنقل الواقع، بل هى واقعية بلا ضفاف، تدفعك لقراءة مغايرة لما هو سائد فى هذا الواقع، وتعيد توحيد العلاقات الشكلية المتفرقة التى ندركها بحواسنا، وتشبع ميل المشاهد إلى التسلية والمتعة والتشويق وحب الجمال بما يرتقى بذوقه ووجدانه، وهى بهذا المفهوم تستطيع أن تنقل أنبل الرسائل والأهداف، عبر أسوأ النماذج وأكثرها مكرا وشرا وإفسادا، وهو ما حدث بالفعل فى مسلسل «ونوس» الذى صور بجمال وفتنة، الصراع الدائم والملازم للتاريخ البشرى بين الخير والشر، حيث يغدو الالتزام بأحدهما، رهيناً بإرادة الإنسان واختياره، وقدرته على التمعن فى أعماق روحه، ليجد الحقيقة التى يتحايل على نكرانها، وليس هذا الالتزام قدراً محتوماً، كما تؤكد أحداث المسلسل.

من أبرز تلك الظواهر تقديم جيل جديد من المواهب، لم يقتصر على موهبة التمثيل فحسب، بل شمل كافة المجالات الفنية من التأليف وكتابة السيناريو إلى الإخراج والمونتاج والإنتاج «الميزان»، ومن الموسيقى إلى المؤثرات الصوتية والإضاءة والملابس «أفراح القبة» والديكور والمكياج وتصميم الملابس «ونوس» و«جراند أوتيل». وكان من الواضح فى هذه الظاهرة التلاحم والتناغم والمنافسة الخلاقة، بين المواهب العربية والمواهب المصرية، سواء أمام الكاميرا، أو خلفها. وهو ما ينقلنا إلى ملمح من أهم ملامح الدراما الرمضانية هذا العام، وهو المشاركة العربية المميزة فى أعمالها، بما يشكل أهم ظواهرها، وأكثرها مدعاة للسعادة والفرح.

فى منتصف القرن التاسع عشر، وفدت إلى مصر أجيال من الكتاب والمفكرين والفنانين والصحفيين الشوام، الذين تركوا بلادهم هرباً من الاضطهاد العثمانى، والتضييق على الحريات، والتفرقة الطائفية. وما لبث أن استوطن هؤلاء مصر التى وجدوها مثالاً لبلد يتسم بالتسامح الدينى، وبمناخ يصون حريات الرأى والتعبير. ونشط هؤلاء فى المشاركة فى تأسيس الصحافة المصرية، والمسرح وفنون الغناء والتمثيل والإخراج وصناعة السينما، وطباعة الكتب، وبمرور الوقت، لم يكن أحد يفرق بينهم وبين أبناء البلد الأصليين. هذا جزء من تاريخ مجيد، أذكر به بعض الذين غم عليهم الفهم، وأحاط بهم ضيق الأفق، وربما ضيق الرزق، فراحوا يعترضون، على وجود فنانين عرب فى الدراما المصرية، بألفاظ غليظة ومجافية للذوق العام، من عينة الفنانين العرب يغزون الدراما الرمضانية، ويفرضون شروطاً إنتاجية، وينافسون الفنانين المحليين، وغير ذلك من أقاويل المن والأذى التى تفتقر للخجل، وللمعرفة فى آن واحد، ذلك أنه بات من الظواهر العالمية أن تستعين الفنون الأمريكية بالفنانين الأوربيين والأسيويين وحتى العرب، والعكس صحيح، ولا يليق بمن كان رائدا فى هذه الظاهرة أن يعترض عليها. ومرحبا بالفنانين العرب فى مصر وألف أهلا وسهلا بهم.