رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى تصورى أنه لا يوجد أى تناقض بين تأكيدات الرئيس السيسى بأن مصر قد الدنيا وها تبقى قد الدنيا، وما ذهب إليه فى تشبيه أراه بالغ الفرادة وهو أننا نعيش فى شبه دولة، فالحاكم أو الزعيم يجب فى خطبه التى يوجهها لمواطنيه أن يزرع فيهم حس التفاؤل وفى ذات الوقت توجيه اللوم لهم وإشعارهم بالتقصير الذى ينعكس على أداء الدولة التى ينتسبون إليها.

إن مصر التى قد الدنيا التي يقصدها الرئيس هى مصر التاريخ والحضارة، مصر الموقع والجغرافيا.. فهى بكل المعانى تمثل نقطة محورية فى قلب العالم لا يمكن تجاهلها.. لا يمكن لأحد الحديث فى مسيرة التاريخ الإنسانى القديم أو الحديث دون أن يتطرق لأهمية مصر وخصوصية وضعها فيه. غير أن الدول، كما الحضارات تشبه الإنسان في رحلته الحياتية تمر بمراحل من الطفولة والشباب والكهولة، ومصر الآن فى هذه المرحلة فى كهولتها، وهو التوصيف الذى تم الاستعاضة عنه بآخر أكثر بلاغة «شبه دولة».

وإذا كانت الأوضاع فى رمضان، وبالأخص إعلانات الفضائيات، كاشفة لحقيقة الأحوال التى نعيشها، فإن المتابع المدقق لهذه الإعلانات يمكن أن يخرج بنتيجة لا شك فيها وهى أن حالة شبه الدولة تزدهر، على نحو يوحى بالقلق. الخلاصة التى قد تنتهى إليها من تلك الإعلانات أن الدولة تتخلى عن وظائفها، ذلك أن الدولة فى أبسط التعريفات فى أدبيات العلوم السياسية واحدة من المؤسسات العديدة التى ينشئها المجتمع لتخدم غرضاً أو أكثر من الأغراض العديدة للمجتمع، وهى فى ذلك ينبغى أن تحقق هدفاً مزدوجاً يتمثل فى تحقيق وتنمية رفاهية الفرد من جانب وتحقيق الأهداف الجماعية للمجتمع من جانب آخر.

غير أن إعلانات رمضان تكشف لنا عن أن جانباً كبيراً من الوظائف التى يجب أن تقوم عليها الدولة تم تركه للأعمال التطوعية. ولعل أبرز الأمثلة على ذلك تلك المتعلقة بإنشاء مجموعة صروح طبية لمواجهة أمراض السرطان والقلب والكبد وغيرها. وإذا كانت هذه من المجالات التي يجب ترك مساحة فيها لمثل هذه الجهود، فإن الأكثر مدعاة للدهشة هو توسع نطاق الإعلانات التى تكشف عن دخول الأعمال التطوعية مجالات من صميم وظائف الدولة مثل توصيل مياه الشرب إلى القرى، بل يمكن أن يضاف هنا تلك المتعلقة بمواجهة الفقر، الأمر الذى كشف عن أوضاع مخزية بخصوص ما يعيشه قطاع كبير من المواطنين المصريين. ليس فى الأمر دعوة إلى تقليص الاعمال التطوعية، وإنما ما نود الإشارة إليه هنا هو أن تأتى هذه الأعمال كمكملة لجهد الدولة وليس بديلاً لها.

الأكثر غرابة أن جهود الأعمال التطوعية التى يسود لدينا تحفظ على بعضها وتوسعها على النحو الذى نراه، تقدم نموذجاً بالغ الإبهار بشأن الخدمات التى تقدمها ولعل فى مثال مستشفى 57357 ومؤسسة مجدى يعقوب نماذج لما نود الإشارة إليه، وهو ما يكشف بالمقابل عن الخلل فى أداء الأجهزة الرسمية، حيث يصعب إن لم يستحل – للأسف – أن ترتقى مؤسسة حكومية لتقديم خدماتها بمثل هذه الجودة والإتقان. فهل نطمع فى الخروج من حالة شبه الدولة إلى حالة الدولة الحقيقية؟.. للأسف لا نستطيع الحسم، فالإجابة مفتوحة على كل الاحتمالات.

[email protected]