رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ماذا حدث لطبقة المثقفين وما الذي أوصل أصحاب المؤهلات العليا والدرجات العلمية إلي هذا الحد من التخبط وعدم وضوح الرؤية في قضايا مصيرية وأحداث ساخنة تتطلب من الجميع الإدلاء بدلوهم بخصوصها وإعمال العقل في الكثير منها وابتكار حلول لكثير من المعضلات التي تواجهنا بدلاً من الاكتفاء بآراء غريبة تبدأ بحملة «في اعتقادي» أو «تقريباً» «وأنا شايف» إلي آخر هذه المصطلحات التي تعطي لصاحبها الاجتهاد دون مساءلة.

ولي عدد من الملاحظات علي هذه الحالة التي نعيشها والتي أدت إلي غياب الرؤية أو انعدامها في كثير من القضايا المطروحة علي الساحة كقضية التعليم والبطالة ومياه النيل وقناة السويس الجديدة والعنف الموجود بمنطقة العريش وامتد إلي القاهرة وغيرها من القضايا الأخري مثل المصالحة مع الإخوان أو وقف أحكام الإعدام الصادرة ضد قيادتهم أو قانون مباشرة الحقوق السياية.

وفي رأيي أن أولي هذه الملاحظات هي غياب المعلومات الموثقة الصادرة من الجهات المسئولة وثانيها جلوس الناس أسري أمام عدد من الفضائيات واستيفاء معلومات وأحداث من بعض مقدمي ومعدي هذه البرامج والذي يغلب عليهم انحيازهم للدولة وعدم الجرأة علي انتقادها، أو الجهل الذي يتحكم في بعض معدي هذه البرامج والتي تصب في اتساع الهوة بين ما يتم بثه وما يقبله العقل من جهة أو إلي المعلومات التي تبثها قنوات معادية لمصر وتسعي لزعزعة النظام وعندما يجتمع عدد من المثقفين في أي لقاءات عامة نجد اختلافات في الرأي تصل إلي الشطحات بين قامات كثيرة في المجتمع أو ترديد معلومات وشعارات تبثها بعض القنوات الفضائية وكثرة تردد هذه الآراء تجعل كل من يسمعها يبصم بالعشرة بصحة ما جاء فيها لدرجة الإجماع وغالباً نكتشف عدم صحتها فيما بعد مما يعرضنا لخسائر مادية ومعنوية فادحة تصب في تأخر الدولة وعدم تقدمها ويحضرني موقف طريف تعرض له أحد البسطاء عندما أصرت مجموعة لصوص علي التشويش عليه والنصب بطريقة ترديد معلومات زائفة من أكثر من نصاب حتي يقر المزارع البسيط بصحتها وعدم إنكارها.

الحكاية أن مزارعاً انطلق من قريته بعد الفجر مباشرة لبيع عجل بلدي في أحد أسواق القري المجاورة وفوجئ هذا الرجل بآخرين يقفان أمام قريته ويبادلانه التحية وأن الخروف الذي يسحبه، سمين جداً وأنهما علي استعداد لشرائه بأعلي سعر، فنظر الرجل إليهما ساخطاً «سلامة الشوف».. ده مش خروف.. وانطلق في طريقه ليجد أمام القرية التالية شخصين آخرين يرددان نفس ما قاله زملاؤهما في النصب، وهي «ما شاء الله تبيع الخروف ده بكام يا حاج»، وهنا هدأت ثورة المزارع ونظر إلي العجل، ثم نظر إليهما وقال بصوت خفيف: ده خروف يا رجالة.. وانطلق وهو ينظر إلي العجل وينظر إلي الشخصين ليجد شخصين آخرين أمام القرية التالية، وما إن تحدث أحدهما قائلاً: تبيع الخروف ده يا حاج، المزارع البسيط بادره بمقوله «اشتريه يا ابني» وباعه علي أنه خروف وليس عجلاً، وأسقط المثل العامي الذي يقول «اللي ربي خير من اللي اشتري».. وأرجو أن تكون القصة جاءت في سياقها الحقيقي ومعبرة عن مرحلة التغييب الذي نعيشه والاجتهاد في أمور كثيرة بدون علم يجعلنا نرفع أموراً إلي عنان السماء، ثم لا نلبث أن نهوي بها إلي سابع أرض، بعد أن نكتشف أننا كنا أسري معلومات خاطئة أو أبواق غير منصفة.