عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أيام قليلة ويبدأ سريان الموازنة الجديدة للدولة للعام المالي 2016-2017، بعد إقرار مجلس النواب لها، والحقيقة أن الأيام الماضية شهدت جدلًا واسعًا حول دستورية الموازنة من عدمها، حيث رأى كثيرون على رأسهم الدكتور حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة في البرلمان أن الموازنة غير دستورية، كون المخصصات المعتمدة لقطاعي الصحة والتعليم في الموازنة لا تفي بما حدده الدستور في مواده 18 و19و21 و23 و238 والتى نصت على أن تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي  تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وكذلك نسبة لا تقل عن 4% للتعليم العام و2% للتعليم الجامعي و1% للبحث العلمي، وحددت المادة 238 من الدستور العام المالي 2016-2017 أن يكون عام الوصول إلى هذه المعدلات كحد أدنى.

وما جاء في مشروع الموازنة المطروحة حاليًا على البرلمان، بلغ 48,9 مليار جنيه للصحة مقابل 103 مليارات و962 مليون جنيه لقطاع التعليم، في حين بلغت تقديرات الناتج المحلي الإجمالي في الموازنة 3,2 تريليون جنيه.

واعتبر الفريق المؤيد لعدم دستورية الموازنة، أن المخصصات للصحة والتعليم بعيدة كل البعد عن النسب المقررة في الدستور من إجمالي الناتج المحلي.

وبدأت الاجتهادات والتخريجات للخروج من المأزق الذي صنعه الدستور والحكومة للبرلمان، ومع ارتفاع نسبة العجز التي وصلت إلى 319 مليار جنيه وقلة الموارد، لا يمكن للمالية تدبير موارد إضافية للقفز بالإنفاق على الصحة من 48,9 إلى ما يقرب من 96 مليار جنيه (3%) والتعليم من 103,9 مليار مايقرب من 180 مليار جنيه تقريبًا، بمعنى أنه يجب توفير أكثر من 150 مليار جنيه إضافية.

ومن بين التخريجات، اقتراح البعض ضم موازنات مستشفيات القوات المسلحة وجامعة الأزهر والشرطة إلى موازنة قطاع الصحة، وموازنات المراكز البحثية والتعليمية إلى موازنة قطاع التعليم.

وحتى بعد الضم، لم تصل المعدلات إلى النسب المطلوبة، والأخطر والأهم أن الحديث كله يدور حول نسب من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن ما جاء في الدستور هو نسب من الناتج القومي الإجمالي وليس الناتج المحلي الإجمالي والفرق كبير، ولم يذكر في الموازنة مصطلح الناتج القومي الإجمالي على الإطلاق.

وللتوضيح، فإن الناتج المحلي الإجمالي هو القيمة السوقية لكل ما ينتج داخل الدولة من سلع وخدمات تقوم بها الحكومة أو المواطنون، ويشمل على سبيل المثال حجم الاستهلاك والصادرات والواردات والإنفاق الحكومي والاستثمارات، بما في ذلك الشركات المملوكة لأجانب في مصر وذلك في فترة زمنية أو مالية محددة.

أما الناتج القومي الإجمالي، فهو قيمة السلع والخدمات في الاقتصاد القومي في فترة زمنية معينة أو فترة مالية معينة، والسلع والخدمات هنا التي تنتجها أيادٍ وطنية داخل حدود الوطن أو خارجها، ولكن عوائد عوامل الإنتاج وطنية.

وهنا تبرز الأزمة، فالناتج القومي الإجمالي غير معروف وغير محدد، ولم تتم الإشارة إليه في الموازنة العامة للدولة، إذًا على أساس ذلك، سيتم حساب النسب المئوية لمخصصات التعليم والصحة والبحث العلمي، والسؤال الثانى .. الدستور ألزم الدولة ببدء التطبيق في أول موازنة بعد إقرار الدستور الذي أقرّ في يناير 2014، بمعنى أنه كان من المفترض أن تبدأ الزيادة في الإنفاق على تلك القطاعات بدءًا من موازنة 2014-2015 ثم موازنة 2015-2016 لتزداد تدريجيًا حتى تصل إلى النسب المحددة في العام المالي 2016-2017.

والحقيقة أنه بالفعل مأزق .. تسبب فيه من صاغوا الدستور وتحدثوا عن ناتج قومي إجمالي وليس ناتج محلي إجمالي،  كما أنهم لم يراعوا الوضع الاقتصادي في تحديد المدة الزمنية، وتحت أى تخريجة أو التفاف للخروج من المأزق، سيظل هناك شك، وربما يكون تعديل الدستور أبسط وأفضل من أى محاولة التفاف .. كان الله في عون رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال، والأمين العام المستشار أحمد سعد الدين اللذين ورثا تركة مثقلة، وإلى جانب مأزق الموازنة، هناك استحقاقات دستورية كثيرة يجب الوفاء بها قبل انتهاء دور الانعقاد الحالي في سبتمبر المقبل، لعل أهمها قوانين العدالة الانتقالية ومفوضية الانتخابات وبناء الكنائس وتنظيم الأعلام.

 [email protected]