رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

قبل أن نقرأ: أظن أننا سنري مشهداً عبقرياً مماثلاً لذلك المشهد فى فيلم آخر فى يوم من الأيام!

«المشهد» الذي أحدثكم عنه أتحفنا به محفوظ عبدالرحمن (مؤلفاً) - ومحمد فاضل مخرجاً فى فيلم ناصر 56.. وفيه يتلقي عبدالناصر (الخالد) على هاتفه الرئاسي اتصالاً غريباً، أكثر من مرة، وفي «قلب الليل»، من امرأة مصرية مسنة، ألحت في الاتصال، وألحت في السؤال عن «أحد الأشخاص».. وهي تتصور أن هذا الهاتف (الرئاسي) هو هاتف «البقال» أو «أحد الجيران».. فعلت هذا بكل عفوية وبساطة، وبنفس الإحساس يرد عليها جمال عبدالناصر: «لا يا أمي ده مش بيت عم إبراهيم».. ويتكرر الاتصال ويتكرر الرد إلي أن تقول له السيدة العجوز: «أمال أنت مين يا ابني؟».. فيرد عليها بتلقائية وهدوء وطيبة بالغة: أنا جمال عبدالناصر!.. فترد بتلقائية شديدة وهي تغلق السماعة، وكأنها أدركت المغزي والشخص: «ربنا يحميك يا ابني»!

(لعبت الدور الأسطوري وأدت المشهد الصوتي البليغ العملاقة أمينة رزق).

أحدهم سيكتب القصة الكاملة لقناة (حرب) السويس «الجديدة»، والرئيس عبدالفتاح السيسي يوماً ما، مثلما حدث في فيلم ناصر 56، رغم كل ما قيل فى ناصر (البكباشي الانقلابي الإخواني الوفدي المهزوم)، أحدهم سيكتب سيناريو شديد العذوبة والانسيابية ويتدفق مجري مشاهده وكلماته كنهر صغير يرتوي من شرايين الوطن.. أحدهم سيكون أحمد زكي مصر الآخر، يلعب دور الرئيس (المشير).. الذي واجه نفس الاتهامات والشتائم من خصومه، وواجه نفس الحرب وعاش نفس الحلم فى «السويس»، وتحدي مع نفر من الرجال، أياماً من أقسى وأصعب ما جاد به الزمان علي هذه البلاد.. أيام «يكاد» المرء فيها أن يفر من أمه أبيه وصاحبته وبنيه.. أيام مجللة بالحزن مضفرة بالدم مغزولة من رصاص وديناميت.. أيام منسوجة من ريش العصافير المحترقة ومن قلوب اليمامات المشوية، بنار الانفجارات التي شقت سكون السماء ومزقت صمتها.. وجللت سحبها بالدخان وألسنة اللهب!

قد لا نكون هناك آنذاك، وقد لا نري هذا المشهد أو نشاهد الفيلم، وساعتئذ ستكون كل خبالات وخيالات وخلافات وترهات الحاضر قد سقطت.. ستكون كل الانقسامات والاختلافات التي تتفجر علي جنبات الوطن قد طويت صفحاتها وجف مدادها وبقي عطرها.. عَبِقاً كان أم عَفِناً.. وطنياً كان أم عميلاً.. رقراقاً عذباً.. أم كان صديداً وقيحاً، وستكون كل طعنات الإخوان المسمومة المصوبة إلى صدر الوطن.. قد تكسرت علي صخرة وطنية وإصرار الشعب المصري.

قصة هذه «القناة المصرية» على مر العصور، هى قصة إنسانية بالدرجة الأولي، إنها «حكاية شعب» دفع حياته وكبرياءه مرة من أجل حفرها، ومرة من أجل تحريرها وإزالة آثار العدوان عليها، ومرة أخرى من أجل شق رافد جديد لها، محرراً فصلاً جديداً من فصول تحدياتها.

لن نكون هناك، ربما.. نعم ربما لن نشهد لحظة اندحار «الفاشية الدينية».. و«الفاشية الفكرية».. التي ترهبنا بادعائها الثورية وامتلاكها شفرة الحلم الثوري المنشود.. لن نكون هناك.. قد يكون ذلك صحيحاً.. لكن حتماً ستكون مصر انتصرت وعبرت المرحلة الصعبة.. مثلما عبرت فوق النكسة بحرب الاستنزاف، وعبرت نفق الهزيمة بنصر أكتوبر العظيم.

سيكتب أبناؤنا وأحفادنا القصة المثيرة في يوم من الأيام، وسيشعرون بمثل ما شعرنا ونحن نسمع كلمة السر القديمة (ديليسبس) التي كانت إيذاناً بانطلاقة المصريين الأبطال (محمود يونس وعبدالحميد أبوبكر) نحو استعادة سيادتنا على شريان حياتنا وتأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية.. سيشعرون بذلك الشعور وهم يسمعون كلمة السر الجديدة التي سينطق بها الخميس المقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، صانعاً لمصر تاريخا حديثاً كلمة السر فيه هي: تحيا مصر وعاش المصريون.

يا لها من كلمة سر جديدة.. لو أن معناها ومغزاها أدركه الجميع.. من وزراء وعاملين.. مسئولين ومواطنين عاديين.. ثواراً أحراراً يكملون المشوار وثوار يختصمون الوطن لأنه اختار مساراً آخر غير الذي يؤمنون به.. في هذه اللحظة المجيدة من عمر الوطن، أري أننا أمام فرز غير مسبوق.. فالمشروع «الحلم» ليس حلماً لـ (عبدالفتاح السيسي) أياً كان اسمه الذي ينطقونه.. «المشير» أو «الرئيس» أو ما شابه.. «وزير دفاع الانكلاب» الذي «انكلب» على رئيسه وخانه، أو رجل الأقدار.. أياً كان اسم الرجل الذي قاد المصريين بأموالهم ومدخراتهم وبإرادتهم وجيشهم وقوتهم.. أياً كان اسم الرجل الذي قاد إلي فعل ذلك، فإن الذي زرع وحصد هو مصر والشعب المصري.

«الإخوان» الذين حلموا بحكم بلد يقودهم للم شمل «الدواعش» إلي «القاعدة» و«النصرة».. تحت إمرتهم.. لا يمكنهم أن يروا حجم هذا الإنجاز.. وإنما يمكنهم أن يروا فيه فقط حجم الخراب الذي حل عليهم، واللعنة التي حاقت بهم، والخطر البالغ الذي كشف فساد مبتغاهم وزيف أطروحاتهم.. لن يروا في المشروع أملاً جديداً لمصر.. سيرونه مجرد «ترعة».. أو «جدول» يجري في الصحراء.. ومع هذا.. وفي نفس الوقت سينسبون فكرة المشروع إلي فترة حكمهم السوداء.

بعد أن قرأنا: يا ناس.. يا هوه.. قصة القناة الجديدة قصة لمصر لا لعبدالفتاح السيسي.. وحتي لو كانت لـ (عبدالفتاح) لمَّ لا.. ألا تقولون أنكم تريدون من الحكام أن ينجزوا ويقوموا بأعمال نافعه؟.. أو كما يقولون أهلنا في البلدان العربية بلهجتهم الخليجية: «نريد العنب لا الناطور»!