رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

يا سلام على «الدندو.. صاروخ نار» ما إن قالها الشاب الجالس على مقهى من مقاهينا المزدحمة جدًا بعد إفطار رمضان بالرواد، إلا وهجم عليه شاب كان يسير أمام المقهى وأمسكه من ياقة قميصه وظل يهزه فى عنف وهو يصيح فى وجهه «دندو إيه يا حيوان مش تحترم نفسك هو اللى ماشى معاها ده راجل ولا جردل» وكادت مشاجرة دامية تشتعل لولا تدخل المارة والقهوجى وبعض الرواد، فالشاب المتحرش لم ينتبه إلى أن الفتاة تسير وخلفها خطيبها وليس بجانبها بسبب زحام الطريق، فألقى كلمته المتحرشة تقليدًا للإعلان إياه بتاع «الدندو» الذى قام جهاز حماية المستهلك بقيادة اللواء الهمام عاطف أمين يعقوب بمنع إذاعته، ولكن للأسف بعد أن أتت كلمات الإعلان أُكلها، والتقطها بعض شبابنا الفهلوى الحريف لاستخدامها فى التحرش بصورة مستترة لا يعاقب عليها القانون وفقاً لمفهومهم، وتحولت «المعاكسة إلى فضيحة، إذا عرف كل الجالسين على المقهى وبعض المارة قصة «الدندو».

إنه مجرد مشهد وانتهى، تسبب فيه إعلان منتج اللبن إياه بإطلاق لفظة «الدندو» على صدر الأم المرضعة، وكم من جرائم أخلاقية ارتكبت باسم الإعلانات، وباسم ما يعرض على الشاشات كبيرها وصغيرها، ألم تصدم أعينكم الحيية تلك اللوحات المضيئة الضخمة فى كبريات الميادين  بصورة جزء من جسد فتى مرتدى الـ«بوكسر»، وكأن الرجال تعلموا للتو من شركة المنسوجات إياها كيف يرتدون «البوكسر» وكيف يكون مريحًا فى تفاصيله للجلسة والحركة والثنى والمد، أما ماسورة المجارى الأخلاقية التى انفتحت علينا فى مسلسلات رمضان فحدث ولا حرج، فاقت كل المعانى والكلمات والإيحاءات والمشاهد التى يمكن أن ترد فى أى مسلسل أجنبى فاجر، فلم يخلُ مسلسل من العرى.. الرقص، الخمر، مشاهد الكباريهات، الدعارة، بل إن أحد المسلسلات لن أذكر اسمه دفعتنى المصادفة لأشاهد جزءًا من إحدى حلقاته، لأجد أحد أبطاله يلعب دور قواد بجدارة، ولا يتورع عن التلويح باستخدام جسد ابنه الشاب لراغبى المتعة الحرام من الشواذ، وهكذا يسير نسق المسلسل كله حول ابتزاز الفتيات وتهديدهن لبيع أجسادهن لحساب هذا الـ«قرنى».

ما نواجهه الآن من فجر فنى وإعلانى وثقافى زاد على ما كان فى السنوات الماضية، زاد الغزو لعقول وأخلاق الشعب المصرى بهذا الانحدار والسقوط بالذوق العام، ما يجعلنا نتساءل: أليس بين صانعى هؤلاء الانحطاط والفسق والفجور رجل رشيد، ألا يشعر هؤلاء بالوحل الذى يغرقنا من الركب للرأس، لقد أصبحت كل القنوات التليفزيونية تتبارى على هدم أخلاقيات هذا الجيل والأجيال القادمة، تتبارى أيها يحقق السبق فى النيل من ثوابت أخلاقياتنا وديننا وعقيدتنا لتحقيق الثراء الفاحش على حساب هوية أمة كانت تتغنى بها كل الأمم فى عقود سبقت، وأتساءل وغيرى: أين الرقابة على هذا «الوغش» أين رقابة المصنفات الفنية ولماذا لا توجد جهة رقابية لفحص الإعلانات قبل إذاعتها، بدلًا من ترك الحبل على الغارب وإلقاء المسئولية على جهاز حماية المستهلك الفقير للآليات، الذى بالطبع لن يتدخل قبل وقوع «الكارثة الأخلاقية».

هل مفاجأة أن أقول إنه لا يوجد فى مصر جهة مسئولة عن رقابة الإعلانات يمكنها أن تراقب وتضبط وتعاقب، ومن هنا أطالب بهيئة لها سلطة رقابية وتنفيذية تراقب وتعاقب كل إعلان أو عمل درامى لا يناسب الذوق العام داخل  إطار تشريعى، أيها الراشدون.. تحركوا.. ارحمونا من هؤلاء وأنقذوا مستقبل وطن من الانهيار الأخلاقى.

[email protected]