رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

بإذن الله ستحتفل مصر بعد أيام قليلة, بافتتاح مشروعها القومي العظيم قناة السويس الجديدة, الذي أبهر العالم بفكرته ومستوى تنفيذه ومدة إنجازه, بما يمكن وصفه بالمعجزة التي تدل على عبقرية المصريين وجوهرهم النفيس وقدرتهم على قهر المستحيل وتحدي الزمن.

وإذا كان لهذا المشروع العملاق مردودات إيجابية وفوائد عظيمة في كلا المجالين السياسي والاقتصادي على نحو ما أصبح واضحاً لدى كل المصريين, فإنني أعتقد أن له جوانب أخرى في غاية الأهمية تستحق النظر بإمعان والانتباه إليها, ونوجز بعضها فيما يلي:

(1) إنه إذا كانت ثورة 30 يونية المجيدة قد استطاعت بحق أن تعيق وتوقف تنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني التآمري لتدمير وتقسيم المنطقة، وهو المخطط المعروف بمشروع الشرق الأوسط الجديد, وحالت تماماً دون تنفيذه في مصر, فإن مشروع قناة السويس الجديدة سيكون أحد العوامل الرئيسية لإسقاط ذلك المخطط نهائياً على الأقل فيما يتعلق بالدولة المصرية.. وإيضاحاً لذلك نقول إن ذلك المخطط الاستعماري كان يهدف إلى تقسيم الدولة المصرية, وكانت أولى مراحله فصل سيناء أو جزء منها عن السيادة المصرية تحت دعاوى مختلفة وبما يحقق في النهاية أغراض ومصالح الكيان الصهيوني على حساب الدولة المصرية وأمنها وسلامتها, ولقد تواطأ النظام الإخواني الفاشي لتنفيذ ذلك المخطط وبدأ خطواته العملية بالفعل تحت شعارات زائفة, مرة بالإعلان والرغبة عن إقامة منطقة تجارة حرة على الحدود مع غزة, وتارة أخرى بالإعلان عن مشروع لتنمية محور قناة السويس, والذي سرعان ما ظهرت أغراضه الخبيثة بما اُتخذ في صدده وقتئذٍ من قرارات وإجراءات كانت ستؤدي حتماً إلى فقدان السيادة المصرية على قناة السويس ومنطقة سيناء, لكن الشعب الذي استرد وعيه وأحس بحجم التآمر عليه وأدرك حقيقة الجماعة العميلة التي كانت تحكمه, هب بثورته المجيدة في 30 يونية 2013, ثم انطلق بعد ذلك ليؤكد إصراره على التمسك بكل شبر من ترابه الوطني والمحافظة على كل مقدراته الاقتصادية, فكان مشروع قناة السويس الجديدة الذي تم إنجازه بسواعد وأموال المصريين, دليلا على هذا الإصرار وتأكيدا للسيادة الوطنية على الأرض المصرية, وهو ما يُعد الضربة الحاسمة لإجهاض فكرة انتزاع السيادة المصرية من على أرض سيناء أو منطقة القناة, وإسقاطاً نهائياً لهذه الفكرة, مهما تعاقبت وتنوعت أنظمة الحكم في مصر, لأن المصريين توحدت رؤيتهم وقناعتهم وإرادتهم في هذا الإطار, وأقاموا مشروعهم القومي الخالد في ذات البقعة التي كان يطمع فيها أعداء الوطن الذين لن يكون أمامهم من سبيل إلا التراجع عن مخططهم الآثم.

(2) إن التوحد الشعبي المذهل الذي خلقه ذلك المشروع القومي, يُعد رصيداً هائلاً في ميزان قوة الدولة المصرية، ولذلك فإن الدعاوى الكاذبة التي انطلقت من الأبواق المعادية للتقليل من أهمية المشروع, لم تكن للنيل من المشروع بقدر ما كانت بغرض تفتيت ذلك التوحد الشعبي الذي أثار الخوف والفزع في قلوب أعداء الوطن, ومن ثم فإن وحدة الصف المصري في حد ذاتها والتي تحققت بهذا المشروع والتي ستستمر بإذن الله بقوة الدفع الذاتي, لهي من أعظم ثمار المشروع التي لا يعادلها شيء.

(3) من المعلوم أن الصحاري والجبال والممرات المائية تعد أهم الموانع الطبيعية التي تساعد علي تأمين حدود الدول، وإذا كانت صحراء سيناء تمثل مانعاً طبيعياً لمصر في مواجهة عدوها الأزلي وهي إسرائيل, ثم تأتي قناة السويس لتمثل المانع الطبيعي الثاني, فإن حفر القناة الجديدة يمثل المانع الطبيعي الثالث الداعم لأمن مصر القومي. ولا شك في أن موقع المشروع – الذي يمتد بطول 72 كم وبعرض 400 م – قد تم اختياره بعناية فائقة بما يتوافق مع اعتبارات أمننا القومي ويزيد من دعائمه.

(4) إن إنجاز المشروع في ظل التحديات الجسيمة التي تواجهها مصر في الداخل والخارج والظروف الصعبة التي تحيط بها, كان بمثابة ملحمة كفاح ونضال وهي حالة دائما ما تستنهض الملكات الإنسانية الخلاقة، خاصة في مجال الفكر والثقافة, ولذلك فإن هذا المشروع القومي الذي ألهب مشاعر المصريين سيكون باعثاً لملكات الإبداع الحقيقية في مجال العلوم والأدب والفنون المختلفة بما يحقق نهضة مصر الثقافية لتتبوأ مكانتها الحضارية المستحقة.

تبقى حقيقة راسخة لابد أن نذكرها بكل الفخر والاعتزاز, وهي أن قناة السويس ستظل شاهداً تاريخياً على كفاح الشعب المصري وملاحم بطولاته الوطنية من أجل الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال.

حفظ الله مصرنا الغالية, وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل

 

لواء بالمعاش

 

‏E-Mail :[email protected]