عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة حب

ليست هذه هي مصر..  عبارة سمعتها للمرة الأولى من الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق في الفترة الأولى لتوليه رئاسة الحكومة في التسعينيات، وكنا وقتها في احتفالية بجهاز رقابي مهم.. ولم يعجبه وقتها صورة مصر التي جاءت في الاحتفالية وأراد أن يبعث برسالة للحضور يقول فيها إن هناك مصر أخرى.

ومنذ أيام تلقيت رسالة هامة من صديق عزيز نشرتها في المقالين السابقين وكانت تتحدث عن الظواهر الجديدة في المجتمع والتي تتمثل في طوابير حجز الشقق والفيلات الفاخرة وقوائم الانتظار في المدارس الدولية التي تتراوح مصاريفها بين 50 و200 ألف جنيه سنوياً، وكذلك الزحام الشديد في المولات الكبري والفنادق وعلى قاعات الأفراح الخمس نجوم وغير ذلك.

وقلت إنني أتفق وأختلف مع تلك الرسالة..  وإذا كنت قد اتفقت مع ما جاء بالرسالة حول هذه الظواهر الجديدة..  إلا أنني اليوم أختلف وأقول كما قال الدكتور كمال الجنزوري..  ليست هذه هي مصر.

نعم مصر ليست الفئة المحدودة في الكامباوندات..  ولكنها الفئة الكبيرة التي تقيم في المساكن البسيطة التي تزدحم بالملايين في ربوع مصر المحروسة والتي تعاني من مشاكل الزحام وتنخر فيها التكاتك كالسوس الذي ينخر في الجسد.. مصر ليست في طوابير الكامبوندات ولكنها في طوابير الإسكان الاجتماعي التي يقف فيها الآلاف يبحثون عن مأوى غرفتين وصالة لا أكثر..  ناهيك عن عشرات الآلاف الآخرين الذين عجزوا عن تدبير المقدمات.

مصر ليست في الربوة وماونتن فيو ومدينتي وبالم هيلز..  ولكنها بولاق وشبرا وطنطا والمنصورة والزقازيق وأسيوط والمنيا وبور سعيد وغيرها من العواصم المكدسة بالملايين والتي لم تعد تحتمل المزيد.

مصر ليست في رواد المولات الفخمة ولا أصحاب السيارات الفارهة ولا نزلاء فنادق السبع نجوم..  ولكن مصر تتمثل في شعب مكافح يعيش حياة بسيطة يبحث أبناؤه عن الستر ويقضون أكثر من 12 ساعة يومياً ما بين عمل أساسي وآخر إضافي ليتمكنوا من تلبية حاجاتهم الأساسية.

مصر هي شعب صامد..  يخرج الملايين منه كل صباح يبحثون عن لقمة العيش وسط ظروف قاسية..  شعب يكافح الفقر منذ عشرات السنين ويكتوي بلهيب الأسعار ليس اليوم فقط ولكن منذ زمن بعيد..  حتي أنني أتذكر عبارة للأستاذ مصطفى شردي رحمة الله عليه عندما كان يرد على سؤال عن سر صمود الأسرة المصرية وسط الغلاء الفاحش والأزمات المتلاحقة..  قال الأستاذ مصطفى إن ست البيت المصرية هي أعظم وزير مالية في العالم..  لأنها تحقق أكبر قدر من إشباع الحاجات الأساسية بموارد مالية معدومة.. هذه هي مصر الأخرى.. مصر الحقيقية..  مصر المحروسة.