عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

النافذة

ترى ما الذى كان يدور فى بال مرسى جميل عزيز وهو يكتب «آه يا زمان العبر.. سوق الحلاوة جبر» ليلحنها كمال الطويل بحيث تتماشى مع قدرات الرائع عبدالمنعم مدبولى فى الغناء بصوت مشروخ أسمعه يتردد فى رأسى هذه الأيام.. هل هناك سبب لأن أشعر أن سوق الحلاوة جبر؟ بالتأكيد هو شعور لا يرتبط بحياتى الخاصة، فأنا الآن فى لحظات الهدوء بعد بدء إجازة من الإعلام لمدة خمسة أسابيع.. راحة سلبية كالتى يحصل عليها لاعبو الكرة بعد انتهاء الموسم ليلتقطوا أنفاسهم.

ولكن اختفت الحلاوة من أشياء كثيرة فى حياتنا.. من نكهة الفاكهة البلدى إلى طعم الزبادى البلدى، ومن دفء اللمة إلى حلاوة النكتة التى تضحكك من القلب، ومن تأثير صوت المبتهل قبيل الفجر إلى بساطة فزورة ثلاثى أضواء المسرح ونيللى وفطوطة وشيريهان.. كلها أشياء فقدنا كثيرا من حلاوتها بعد ما دخلنا عصر اقتصاد الوفرة.. لا تتعجبوا فتقولوا نحن نعيش عصر الحرمان وليس الوفرة، فهذا غير حقيقى.

كان نصيب أى منا زمان حبة واحدة أو اثنتين من الفاكهة وعدد المسلسلات والفوازير كان قليلا فكان كالفاكهة ننتظرها بفارغ الصبر بدلا من التنقل بين العشرات منها فى نفس اللحظة.. كان عدد المنشدين والمبتهلين محدودا ولكن عذوبة أصواتهم كانت لها طعم آخر.. وكذلك النكتة تصلك بصعوبة فتضحك من قلبك لأنها فرصة نادرة للضحك بينما تتلقى اليوم عشرات النكت على هاتفك يوميا.. دعوة أمى كانت تعنى الكثير بدلا من الدعوات الالكترونية الواجب نشرها فورا ففرغت من تأثيرها.. أما اللمة والصحبة فهى من النوادر اليوم، فإن حدثت ولم ينكب الحضور على هواتفهم نستشعر طعم الحلاوة الذى نفتقده.

هل جرى العمر فأصبحت أقول ما كان والدى رحمه الله يقوله إن أجمل طعم للماء من «القلة» فكنت أندهش؟ ربما.. ولكن هل يمكن أن يكون هذا رأى شاب لم يجلس وهو طفل ليستمتع بالضيف أحمد وجورج سيدهم وسمير غانم؟ هل هو رأى شخص لم يجلس بشغف فى انتظار الحلقة القادمة من رأفت الهجان أو رحلة أبو العلا البشري؟ بالتأكيد لا.. ولكنهم أيضا لا يعرفون طعم الفراولة البلدى والشهد والموز المغربى.. لا يعرفون العيش البلدى «نص تلدينة».. ولا يعرفون الإفطار فى رمضان على صوت الشيخ محمد رفعت وهو يؤذن للمغرب.. ولكنهم يعرفون جيدا الغش فى الثانوية العامة باستخدام الهواتف الذكية.. حقيقى «آه يا زمان العبر»..

[email protected]