رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون نفاق

منذ العهد العثمانى -وربما قبل ذلك أيضًا- وتحُكم مصر حُكمًا مركزيًا تكرس فيه كل أجهزة ومرافق ورجال الدولة لخدمة ودعم وتأييد وحماية عرش الحاكم. وحتى فى الحالات النادرة التى تولى فيها حُكم مصر. بأن جاء حاكم بإرادة شعبية بالاختيار أو بالانتخاب، فإن كل من يتلو الحاكم أو الرئيس من رجال الإدارة يتم اختياره بمعرفة الحاكم منفردًا وبعيدًا عن الإرادة الشعبية، خصوصًا ولاة الأقاليم أو المحافظين بلُغة اليوم، فمن ناحية الحاكم فإن المطلوب من الوالى هو الخراج، أى مساهمة الولاية فى الخزائن المركزية، بالإضافة إلى السيطرة على أى مظاهر للسخط الشعبى إن ظهر وقمع أى معارضة للحكم المركزى. ومن ناحية الوالى فإن الغاية هى إرضاء الحاكم المركزى بأى ثمن طمعًا فى امتداد مدة الولاية أو الترقى إلى ولاية أكبر وأهم، أما الاهتمام الحقيقى بشئون الولاية أو المحافظة وشعبها، فيأتى فى مرتبة متأخرة بعد ذلك.

والدليل على ما أقول هو أن تسأل نفسك –أيًا كانت محافظتك– ما أسماء آخر خمسة محافظين عندك؟ لو تذكرت اسم أو إنجازات واحد أو اثنين يبقى كويس خالص!

دعونا ننظر إلى الدول المتقدمة التى يتم شغل مناصب العُمد (فى المدن) والحكام أو المحافظين (فى الأقاليم) عن طريق الانتخاب الشعبى المباشر. إن هؤلاء المسئولين يتولون مناصبهم بإرادة الناخبين الشعبية، وبالتالى فإن ولاءهم الأول لهؤلاء الناخبين ومصالحهم وأحوال معيشتهم، وليس للوزراء والحكام المركزيين فى العاصمة، كما أن وجودهم فى مناصبهم منتخبين يجعلهم يعملون دون خوف من العزل أو الاستبدال، كما أنهم ليسوا مرهونين ببقاء الحكومة المركزية أو تغييرها، لذلك نرى أن المحافظات والمدن الصغيرة فى الدول المتقدمة لا تقل تحضرًا ولا من ناحية المرافق والخدمات عن العاصمة، بل العكس أحيانًا.

إن أبناء المحافظات فى مصر مهمشون سياسيًا وإداريًا، ويتندرون دائمًا عن المحافظين الوافدين عليهم من هنا وهناك. هذا جاء مكافأة لخدمته فى الجيش، وهذا لأحكامه فى القضاء، وآخر مكافأة لمدة عمله فى الشرطة، وغير ذلك. شخص أجنبى عن المكان، قضى كل حياته المهنية فى مهنة أخرى ومكان آخر لا يمت بصلة للمحافظة التى لا يعرف شيئاً عنها ولا عن أهلها، إننى أتساءل: كم محافظاً فى مصر تقيم أسرته معه فى المحافظة التى يعمل بها؟ كم محافظاً يتعلم أبناؤه فى مدارسها وجامعاتها؟ هل تتعالج أسرته عند أطبائها وفى مستشفياتها؟ هل يرتادون أنديتها ومطاعمها ومحلاتها؟ أم أنهم من زوار المحافظة فى الإجازات والأعياد. إن استمرار سياسة تعيين المحافظين ونوابهم ورؤساء المراكز والمدن فى مصر هو تكريس للتدهور الشديد المتزايد الذى تعيشه محافظات مصر ومدنها الصغيرة على حساب العاصمة وبعض المدن الكبرى.

أقول للسيد رئيس الجمهورية: ادرس الموضوع، ثم ادخل فيه دون تردد لأن الأمل معقود عليك، لأن تُخرج مصر من غيابة الجُب العثمانى الكريه إلى مستقبل يفيض بنور الوطنية والاجتهاد.