رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

«قلنا هانبني وأدي احنا بنينا السد العالي» هكذا كان الفن الراقي الهادف المحفز للمشاعر والوجدان والسلوك جزءاً لا يتجزأ من حركة التنمية والبناء والثورة المصرية في 1952 والتي شئنا أم أبينا غيرت من تركيبة المجتمع المصري وجغرافية المواطن وتاريخه الإنساني سواء بالسلب أو الإيجاب، لأن تقييم التاريخ السياسي يحتاج إلي موضوعية في البحث والدراسة للوصول إلي نتائج لا تتأثر بالأهواء والمعتقدات الشخصية، فإذا كانت ثورة يوليو قد نجحت في بدايتها لتحرير الوطن والشعوب العربية والإفريقية من حولنا إلا أنها في ذات الوقت كانت عملية إحلال لثقافة أوروبا متمثلة في فرنسا وانجلترا وايطاليا بثقافة استعمارية جديدة وهي الثقافة الصهيوامريكية التي تمكنت من الحكام العرب والشعوب العربية، خاصة بعد حرب 1973 وحركة ارتفاع اسعار النفط العربي وتهديد الغرب اقتصادياً واجتماعياً، فكانت بداية حركات أمريكية للاستعمار الثقافي والاقتصادي الجديد وتفتيت الشعوب وخلق كيانات عرقية ومذهبية وطائفية تدمر الأمة العربية وأيضاً تحول المواطن العربي إلي مستهلك للحضارة والمدنية والتكنولوجيا الغربية، إلي أن وصل الاستعمار الامريكي إلي عقل وسلوك المواطن العربي وأيضاً المصري متمثلاً في الإعلام والإعلان وسطوة رأس المال علي القيم الفنية والجمالية حتي تلاشي المسرح المصري وانحسرت السينما في افلام مقاولات وفيديو، ثم افلام كوميدية وغابت القصة والرواية والدراما واحتل السيناريو والاخراج والممثل برعاية المنتج سوق الافلام والشاشات وإذا بالرسائل الفنية جميعها مدمرة للعقل والوجدان والسلوك بعد انتشار الفوضي والعشوائية والقبح وظهور البطل الفاسد كبديل للبطل التراجيدي أو الدرامي وأصبح الشباب يقلدون ويحاكون البلطجي والعبيط والجاهل والحرامي وتاجر الاعراض والمخدرات والساقطات ويقف الجميع ضد القانون والمنفذين له بدعوي أن هؤلاء فسدة ومرتشون ومستغلون للسلطة.. فسقطت كل الحواجز وكل القيم باسم الفن الهابط والذوق المتدني المسمي «الواقعية الجديدة» للتوك توك والميكروباص والشارع العشوائى في سلوك جيل التسعينات والألفية، وثورة يناير التي قضت علي ما تبقي من أي احترام لأي سلطة أو أي حاكم أو أي قيمة إلا الحرية غير المسئولة وتبنت الفوضي والتدمير.

وها نحن قد بدأنا مرحلة البناء الجديدة للوطن بحفر قناة السويس الجديدة الموازية للقناة الأولي وقد انجز المصريون احفاد الفراعنة هذا الانجاز والمشروع العالمي في عام واحد وهم يحاربون الارهاب الاسود علي حدودهم في سيناء والصحراء الغربية وأيضاً يحاولون تعمير الطرق وبناء الكباري والقضاء علي أزمات رغيف الخبز وحبة القمح وانقطاع التيار الكهربي وتطهير مؤسسات الدولة من الخلايا الارهابية النائمة، والأخطر والأهم رغبة الجميع في القضاء علي الفساد المتأصل في نفوس الكثير، ولكن لن يتم هذا إلا إذا بدأنا بالتعليم والإعلام والفن قبل أي تغيير أو تطوير في البنية التحتية أو الاقتصادية أو الخطاب الديني، ذلك لأن الثقافة دائماً وأبداً هي مكون جغرافي تاريخي سياسي اقتصادي لغوي ديني فني يخرج لنا أي تطوير أو اي انهيار وتأخر.. لهذا فإن مرحلة البناء الحقيقية هي بناء العقل المصري والفكر والوجدان من خلال التعليم وهو موضوع شائك ولم يبدأ بعد بكل أسف، ولكن من الممكن البناء عبر الفن والثقافة والصورة والكلمة المسموعة والمقروءة والمصورة.. ليست برامج التليفزيون والصحافة والتواصل الالكتروني الاجتماعي هي التي سوف تنهض بالمجتمع وتبني وتوقف نزيف الدم والإرهاب وتقف في وجه التطرف والفساد وإنما الدراما والسينما والاغنية، إن كانت الدراما التليفزيونية هي الباب السحري لبداية مرحلة الوعي والادراك واكتشاف العلة والمرض حتي نشرع في مرحلة اخري ألا وهي تغيير السلوك والفكر والمعتقد والرؤية تدريجياً بوسائل فنية غير مباشرة تقدم المتعة الذهنية والوجدانية وليست المتعة الحسية والعنف والاباحية والبلطجة وكل السلبيات التي اتحفتنا بها الدراما هذا الموسم الرمضاني.

لماذا لا نبدأ دعوة لفناني مصر ومثقفيها ومبدعيها والمنتجعين لانتاج سلسلة من الاعمال الدرامية موجهة للاطفال الذين هم المستقبل والذين يعيشون في أسر الكرتون العربي او المدبلج، وأيضاً يتعرضون لتلك الاعمال الهابطة والمسفة سواء في السينما أو التليفزيون، والتي حولتهم إلي متحرشين أو فوضويين.. الاعمال الدرامي، تحتاج إلي تكاتف الكبار والشباب من المبدعين لعرض شرائح المجتمع المصري ومشاكله والتحديات التي تواجهه سواء في محاربة الارهاب والفكر السلفي المتطرف أو للوقوف في وجهة الفساد المتأصل لمجموعة المنتفعين والفاسدين، وكذلك أن تعرض الدراما نماذج مشرقة وإيجابية من تاريخنا المعاصر في الاقتصاد والسياسة والدين والفن والعلم حتي نعطي الجيل الناقم الحاقد الكاره لهذا الوطن القدوة والأمل في التغيير.. وعلي الاعلام الواعي المستنير الوقوف في وجه النقاد الذين يروجون للغث والرديء، وعلي النقابات المهنية أن يكون لها دور في الفن وفي حركة الوطن الجديد.. ليس بالتكليف الرسمي من قبل جهات معينة للمشاركة في المشروعات الوطنية، ولكن أن يكون الابداع نابعاً من قناعة بدورها الوطني في تلك المرحلة.. ما هو دور النجوم والفنانين علي الشاشة في أعمال هادفة لها معني ومغزي ومضمون وحس قومي ووطني.. الفن والثقافة تبني المواطن والانسان القادر علي بناء الهرم وحفر قنوات جديدة للأمل ..