رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

لا أقبل كثيراً مما كتب سيد قطب فى تأصيل فكرة «الحاكمية»، فلا مُجتمع المسلمين جاهلىاً ولا حُكامه خارجين علي الملة، وذنوب البشر لا تخرجهم من الدين، ومعاصى الناس لا توجب قتالهم.

ويقينا أرى أن كتابات سيد قطب فى «معالم فى الطريق» و«ظلال القرآن» ومن قبلهما فى كتاب «الإسلام والسلام العالمى» هى التى رسمت الطريق الأول لجماعات العنف ووضعت بذرة الإرهاب والقتل باسم الدين. ومع ذلك لا أستسيغ ولا أقبل ولا أرضى بما يفعله جُهلاء المشايخ وموظفو الأوقاف من حملات لإحراق كُتبه، فهذا ليس حلا وإنما هو ترويج ونشر ودعاية لتلك الكُتب.

إن شاعرنا الجميل نزار قبانى يقول  «أنا ممنوع فى كُل مكان، إذن أنا موجود فى كُل مكان» فالمنع والحظر والإعدام الفكرى يُرسّخ الممنوع ويساهم فى نشره.

وفى ظنى لو لم يُعدم سيد قطب لمرت كتاباته مرور الكرام، وليس أدل على ذلك من أن أفكار الجاهلية والحاكمية ظهرت  أولا منتصف الخمسينيات فى كتابات شقيقه محمد قطب والذى رحل بالمدينة المنورة العام الماضى وأجزم أن كثيرين لا يعلمون أنه واضع فكر الحاكمية قبل سيد من خلال كُتبه «جاهلية القرن العشرين» و«هل نحن مسلمون» ثُم كتاب «واقعنا المُعاصر». ولأن الذى حوكم وأعدم كان سيد قطب فقد تصور كثيرون أن فكرة «الحاكمية» نابعة منه.

فى عام 1965 قبض على سيد قطب بعد تشكيله لمجموعات من الشباب لتنفيذ انقلاب على نظام الحكم واعترف بذلك ، لكن تنفيذ حكم الإعدام فيه فى اغسطس 1966 أدى إلى تحويله إلى «شهيد». ومع منع وحظر كُتبه انتشرت انتشارا رهيبا بين المطابع ودور النشر الباحثة عن ربح ، حتى تم الإفراج عن تلك الكُتب فى عهد السادات، حيث باعت دار الشروق  وقتها مئات الآلاف من النُسخ تحت لافتة «الكتابات التى قادت كاتبها إلى المشنقة». ولم يكن ذلك صحيحا لأن الرجل لم يعدم من أجل كتاباته وإنما من أجل تنظيم أشرف عليه لقلب نظام الحُكم.

وجميعنا يعلم أن مُعظم الكُتب الرائجة راجت بسبب قرارات مُصادرة أو حظر ، ومَن يقرأ سيرة سيد قطب يعلم يقينا أنه كان يبحث عن شهرة ورواج رغم أن ما كتبه فى معظم كُتبه ليس إلا نقولات وخواطر لم تُقدم مشروعا فكريا . ويبدو ذلك واضحا عندما بدأ كتابة الشعر مُبشرا بأسلوب جديد  يغير نمطه ، ثُم لم يلتفت له أحد ، بل اعتبر أستاذه عباس العقاد شعر «قطب» مُجرد نظم ركيك .  ثُم نشر «قطب» كتابه «الإسلام والعدالة الاجتماعية» وانتظر أن تحتفى به ثقافة اليسار ، لكنها لم تفعل، وكتب كتاب «التصوير الفنى فى القرآن» متوقعا أن يُهلل له القراء اعجابا وتيها مثلما كان الحال مع طه حسين والعقاد فلم يحدث .

إن الكُتب لا تُحرق إلا فى مجتمعات التخلف والجهل والانسحاق، والكلمة لا تُعدم مهما كانت مُتطرفة مُذنبة لأن ردها بالكلمة أنسب وأطيب .

الحرق ضعف، والمصادرة خوف، والمنع من التداول حيلة العاجز الذى لا يملك القدرة على التفنيد والرد. يا أهل الأوقاف ويامشايخ الوطن: اكتبوا ، ذلك أتقى وأجمل .

والله أعلم .

 

[email protected]